س-ن-ن بالعربية - 11/29/2025 9:48:05 AM - GMT (+3 )
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- صوّر باحثون أنثى ذئب برية تعيش على الساحل الأوسط لمقاطعة كولومبيا البريطانية، وهي تسحب مصيدة سرطان بحر من المحيط لتأكل الطُعم. سلوك لم يُسجَّل من قبل وقد يُمثّل أوّل استخدام موثّق للأدوات من قبل الذئاب.
وشغّل مجتمع هايلتسوك الأصلي البرنامج البيئي الذي نُصبت من خلاله المصائد، والذي ركّز جزئيًا على مكافحة انتشار سرطان البحر الأخضر الأوروبي، لأنه نوع غازٍ يدمّر النظم البيئية المحلية.
وقال الأستاذ المساعد بكلية علوم وإدارة الغابات والبيئة في جامعة ولاية نيويورك، كايل أرتيل، أحد المشاركين في تأليف الدراسة الجديدة التي نُشرت بدورية Ecology and Evolution في 17 تشرين الثاني، حول الاكتشاف: "بدأت المصائد تتعرّض للتلف، وكان الضرر يبدو كأنه ناتج عن دب أو ذئب".
وتابع: "بالنسبة إلى المصائد الموجودة في المياه الضحلة، كان هذا منطقيًا، لأنّ دبًا أو ذئبًا يمكن أن يصل إليها. لكن بعض المصائد كانت في مياه عميقة جدًا ولم تكن مكشوفة حتى في أدنى مستوى للمدّ، وكانت الفرضية أنها لا يمكن أن تكون من فعل دب أو ذئب، لأنهما لا يغوصان، فمَن يكون الفاعل؟".
قد يهمك أيضاً
للإجابة على هذا السؤال، نصب الباحثون كاميرات تُفعَّل بالحركة، إذ توقّعوا أن يروا قضاعة أو فقمة. لكن إحدى الكاميرات التقطت ذئبة تسبح إلى الشاطئ وهي تحمل عوامة في فمها، قبل أن تسقطها على الرمل. ثم أمسكت بالحبل المربوط بالعوامة وسحبته إلى أن خرجت المصيدة من الماء. وواصلت سحب المصيدة باتجاه الشاطئ حتى وصلت إلى منطقة ضحلة، ثم كسرت حاوية تحتوي على الطُّعم، وهو قطعة من سمك الرنغة.
علّق أرتيل: "أُصِبنا بالدهشة. لم نتوقّع ذلك إطلاقًا. والذين يحالفهم الحظ بقضاء وقت قرب الذئاب يعرفون أنها ذكية جدًا، لذا فإنّ قدرتها على القيام بسلوكيات عالية الذكاء ليست مستغربة بحد ذاتها. لكن هذا النوع من السلوك لم يُر من قبل".
فعل مركّز وليس لعبًا
لا يعرف الباحثون عدد الذئاب التي تعلّمت هذا السلوك، لكنهم صوّروا تفاعلًا آخر بين ذئب مختلف وإحدى المصائد. إلا أن ذلك التسجيل، لم يُظهر ما إذا كان ذلك الذئب قد استخرج الحاوية المغمورة بالكامل.
وأشار أرتيل إلى أنه يعتقد أن الذئاب ربما اكتشفت أمر المصائد من طريق مشاهدة البشر وهم يلقونها من القوارب، أو ربما تمكنت من الوصول إلى إحداها عندما كانت في المياه الضحلة بسبب الجَزْر، ثم فهمت تدريجيًا كيفية استرجاع المصائد الأعمق.
وأضاف أرتيل، أن ما يلفت في هذا التفاعل أن الذئبة اضطرّت إلى ربط سلسلة من الخطوات للوصول إلى الطُعم. وقال: "إنه تسلسل من السلوكيات الذي يقودها في النهاية لتحقيق الهدف. إنها عملية حل مشكلة بالطريقة عينها التي يفعلها البشر. كنا سنفعل الأمر ذاته تمامًا لو كنا نحاول الوصول إلى تلك المصيدة من الشاطئ".
وأضاف أرتيل، أنّ تصرفات الذئبة بدت مقصودة بالكامل رغم أن المصيدة المغمورة لم تكن مرئية إطلاقًا، موضحًا "أنها لا تشد الحبل عشوائيًا". وتابع: "لا يبدو أنها تلعب. أي شخص لديه كلب يعرف كيف يبدو السلوك عندما يكون لعبًا. هذا سلوك مركّز جدًا. إنها تتصرف بكفاءة كاملة. وهي حتى تحدق في نهاية الحبل كما لو كانت تترقب اللحظة التي ستظهر فيها تلك المصيدة".
ورأى أرتيل، أن قدرة الذئب على ابتكار هذا السلوك قد ترتبط بالظروف السائدة في أراضي شعب هايلتسوك، إحدى المناطق القليلة في العالم التي لا يُصطاد فيها الذئاب أو تُنصب لها المصائد بكثافة. وقال: "السؤال الذي يطرحه هذا الأمر علينا هو: هل يمكن أن يتطور هذا السلوك هنا لأن الذئاب لا تنشغل باستمرار بضرورة الحذر والنظر خلفها؟".
استخدام الأدوات من عدمهمنذ أن وثّقت العالمة جين غودال لأول مرة استخدام الشمبانزي للأدوات في سبعينات القرن الماضي، لاحظ الباحثون أن أنواعًا أخرى تمارس هذا السلوك المعقّد، ضمنًا الدلافين والفيلة والطيور، وحتى بعض الحشرات على مستوى أساسي".
قد يهمك أيضاً
وقال أرتيل، إنه يعتقد أن فعل الذئب يندرج ضمن استخدام الأدوات، لكنه أقرّ بأن هذا التقييم ذاتي، مضيفًا: "تقول بعض التعريفات إن استخدام الأدوات يعني استعمال شيء خارجي عن الذات لتحقيق هدف، وهذا ما حدث بوضوح هنا. لكن تعريفات أخرى تقول إنه يجب أن تُنشئ الأداة بشكل ما. في هذه الحالة، لم تربط هي الحبل بمصيدة السرطان، بل كانت المصيدة جاهزة لها".
وأضاف أرتيل، لو أنّ إنسانًا أقدم على ما فعله الذئب، لما تردد أحد بوضع ذلك في خانة استخدام الأدوات.
وافق مارك بيكوف، الخبير في سلوك الحيوانات والأستاذ الفخري لعلم البيئة والبيولوجيا التطورية في جامعة كولورادو بولدر، على تقييم أرتيل، مضيفًا أنّ الدراسة تفتح الباب أمام إضافة مزيد من الحيوانات إلى القائمة المتنامية للأنواع التي تستخدم الأدوات.
وقال بيكوف، غير المشارك في البحث، لـCNN: "ستجيب الأبحاث المستقبلية عن أسئلة تتعلق بما إذا كانت ذئاب أخرى ستتعلم أيضًا استخدام الحبل، وما إذا كان هذا السلوك سينتقل ثقافيًا داخل هذه الجماعة السكانية".
برأي برادلي سميث، محاضر أول بعلم النفس في جامعة سنترال كوينزلاند بأستراليا، إن الموضوع كي يُعتبر استخدامًا حقيقيًا للأدوات، يجب أن يتم توجيه أو تعديل الجسم بطريقة ما.
وأوضح سميث غير المشارك في البحث، لـCNN: "هذا ليس مثالًا تقليديًا أو متقدمًا لاستخدام الأدوات، وبالنسبة لي، ربما لا ينبغي تعريفه على أنه استخدام للأدوات"، مستدركًا أنه لا ينبغي أن يقلّل ذلك من حقيقة أن تصرّف الذئب يُعد مثالًا واضحًا ورائعًا على حل المشاكل والتفكير على مستوى أعلى، بالإضافة إلى كونه لمحة إلى العالم الخفي للطبيعة والذئاب.
أما بالنسبة إلى أليكس كاسيلنيك، الأستاذ الفخري لعلم البيئة السلوكي في جامعة أكسفورد بإنجلترا، غير المشارك أيضًا في البحث، فمن العبث الجدل حول التسميات لأنها تعكس تعريفات اعتباطية. وقال لـCNN: "هذه مجموعة رائعة من الملاحظات، وقد قام المؤلفون بعمل ممتاز fتوضيح أهميتها المحتملة".
وأضاف: "ما يهم هو كيفية اكتساب السلوك وما الذي يتحكم فيه بعد اكتسابه. وكما أبرز المؤلفون بشكل صحيح، لا يفهم البشر الفيزياء الكاملة لما يفعلونه، لكنهم يعرفون ما ينفع استنادًا إلى خبرتهم".
إقرأ المزيد


