س-ن-ن بالعربية - 11/6/2025 4:49:05 PM - GMT (+3 )
دبي الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مع اقتراب نهاية عهده، قاد الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت جيشًا فاق عديده نصف مليون رجل أثناء غزو روسيا في العام 1812. وبعد 6 أشهر، بعد إجبار الجيش على الانسحاب، لم يَعُد سِوى عشرات الآلاف من جنوده إلى فرنسا.
هذه الحرب معروفة بكونها من أكثر الحروب تكلفة في التاريخ، ونُسِب موت الملايين من الجنود فيها إلى المعارك، والمجاعة، والبرد، وتفشّي وباء التيفوس.
الآن، وجد الباحثون أدلة في بقايا الحمض النووي للجنود تشير إلى احتمال وجود أمراض متعددة أثّرت على الجيش، بمنها نوعان من البكتيريا لم يتم رصدهما سابقًا.
نُشرت الدراسة في مجلة "Current Biology"، الجمعة.

وقال الباحث الرئيسي، والزميل السابق في معهد "Pasteur" بمدينة باريس الفرنسية، ريمي باربييري، الذي يعمل حاليًا في جامعة تارتو يإستونيا: "في السابق، اعتقدنا أن هناك مرضًا معديًا واحدًا أهلك جيش نابليون، وهو التيفوس".
لكن الباحثين اكتشفوا أمرًا غير متوقعًا أثناء تحليل أسنان جنود في مقبرة جماعية اكتُشفت في العام 2001 في فيلنيوس بليتوانيا.
عثر الباحثون على مسببات الأمراض، السالمونيلا المعوية وبوريليا المتكررة، وهما نوعان من البكتيريا يسببان على التوالي حمى نظيرة التيفية والحمى الانتكاسية.
خليط من الأمراض
لم يجد نابليون وقواته الجنود الروس عندما وصلوا إلى مدينة موسكو.
بدلًا من ذلك، هُجرت المدينة، وحُرِقت محاصيلها، وكانت تفتقر إلى المؤن، مثل الطعام الآمن أو الملابس النظيفة.
مع اقتراب أشهر الشتاء القارسة، اضطر الجيش الفرنسي إلى الانسحاب، لكنّه واجه الكثير من الصعوبات.
اكتُشِفت بكتيريا "ريكتسيا بروازيكي"، المسؤولة عن التيفوس، لأول مرة في أسنان جنود نابليون خلال دراسة أُجريت في العام 2006، لكن كان البحث محدودًا بسبب التكنولوجيا المتاحة آنذاك.
من أجل تحديد ما إذا كان التيفوس هو السبب الوحيد لوفاة الجنود، استخدم مؤلفو الدراسة الجديدة طريقة تُعرف باسم التسلسل عالي الإنتاجية، الذي يستطيع تحديد تسلسل الملايين من شظايا الحمض النووي دفعةً واحدة.
تُتيح هذه الطريقة التعرّف على الحمض النووي شديد التدهور، مثل شظايا الجينوم المستخرجة من عينات يزيد عمرها عن مئتي عام.
وقال نيكولاس راسكوفان، المؤلف المشارك في الدراسة، والمشرف على البحث، ورئيس وِحدة علم الجينوم القديم الميكروبي في معهد "Pasteur": "يمكن لهذا النوع من التحاليل والمشاريع أن يعطي صورة أوضح بكثير عن مشهد الأمراض المعدية في الماضي.. وكيف شكّلت (الأحداث التاريخية) مشهد الأمراض المعدية اليوم".
فَحَص مؤلفو الدراسة 13 عينة ولم يجدوا أي آثار للتيفوس، لكن عملهم لا ينفي نتائج دراسة العام 2006، وفقًا لما ذكروه.
تُعتَبَر عينة الدراسة صغيرة جدًا بحيث لا يُمكن معرفة التأثير الدقيق لهذه الأمراض على جيش نابليون.

وشرح راسكوفان: "الأمر المختلف في دراستنا يتمثّل بأنّنا نتمتع الآن بدليل مباشر على وجود العديد من الأمراض المعدية المختلفة في هذا الموقع".
وأضاف أنّه من المحتمل أن تكون هناك أمراض أخرى لعبت دورًا ولم يتم اكتشافها بعد.
قد يهمك أيضاً
يرى سيسيل لويس، وهو باحث في مجال الحمض النووي القديم، يدرس الميكروبيوم البشري، وغير شارك في الدراسة، أنّ النتائج لم تكن مفاجئة، لكنه وصفها بأنها مساهمة قيّمة في "فهمنا لانهيار جيش نابليون".
وكتب لويس، الذي يشغل منصب نائب رئيس الشؤون الأكاديمية في كلية أوكلاهوما للعلوم والرياضيات، في رسالةٍ عبر البريد الإلكتروني: "إن دراسة مسببات الأمراض التاريخية والقديمة، ومكانتها في التاريخ، توفّر نظرة على المسارات التطورية التي سلكتها الكائنات الحية، بعضها انقرض الآن، وأخرى شكّلت أساس مسببات الأمراض الحالية. هذه البيانات تعزّز فهمنا للطرق التي يمكن أن تؤثر بها مسببات الأمراض على الحياة، وكيف يمكنها التطور، والاستمرار، وهو أمر بالغ الأهمية لتوقع التهديدات المستقبلية وإدارتها".
لا تزال حمى نظيرة التيفية والحمى الانتكاسية موجودتين حتى اليوم، لكنهما أقل شيوعًا أو فتكًا.
نجا نابليون من عملية الانسحاب، لكن ساهم جيشه المتناقص في نهاية المطاف بسقوطه من السلطة بعد بضع سنوات.
قد يهمك أيضاً
إقرأ المزيد


