س-ن-ن بالعربية - 9/1/2025 11:03:06 AM - GMT (+3 )


دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مع عودة المراهقين إلى المدارس هذا الخريف، يشعر العديد من الآباء والأمهات بالقلق بشأن صحة أولادهم النفسية، خصوصًا أن هؤلاء أصبحوا أكثر عرضة للتعبير عن شعورهم بالحزن، أو اليأس المستمر، والتفكير في الانتحار مقارنة بما كانوا عليه قبل عقد من الزمن.
بحسب مسح سلوكيات مخاطر الشباب الصادر عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أفاد 40% من طلاب المدارس الثانوية في عام 2023 بأنهم شعروا بالحزن أو اليأس المستمر. رغم أن هذه النسبة انخفضت عن الذروة التي بلغت 42% قبل عامين خلال جائحة "كوفيد-19"، إلا أنها لا تزال أعلى بحوالي 10 نقاط مئوية مقارنةً بعقد مضى.
يسلّط الصحفي مات ريشتل الضوء على أزمة الصحة النفسية لدى المراهقين وما يمكن فعله حيالها في كتابه الجديد بعنوان: "كيف نكبر: فهم مرحلة المراهقة".
وقد أمضى ريشتل، وهو مراسل علمي لدى صحيفة "نيويورك تايمز" ويقيم في مدينة بولدر بولاية كولورادو، أربع سنوات في البحث عن المراهقين من أجل إعداد هذا الكتاب.
في مقابلة مع CNN، قدّم ريشتل رؤى مهمة حول أسباب التوتر الشديد لدى المراهقين، وما يمكن فعله لمعالجته.
CNN: ما الذي يشرح أزمة الصحة النفسية التي يمر بها المراهقون اليوم؟مات ريشتل: تُفهم الصحة النفسية للمراهقين بشكل أفضل من خلال فهم ما يمرون به، وهناك علوم حديثة تساعد في تفسير ذلك.
يمتلك المراهقون أدمغة شديدة الحساسية في فترة زمنية يتحرّك فيها العالم بسرعة كبيرة، ويتلقّون كمًّا هائلًا من المعلومات. وأحيانًا، ما يمرون به يكون أشبه بفرط في المعلومات يظهر على شكل تفكير مفرط، وقلق، وغيرها من الاضطرابات النفسية.
CNN: هل يأتي جزء كبير من هذا الفيض من المعلومات المتاحة على منصات التواصل الاجتماعي؟مات ريشتل: إلى حد ما. فهناك اعتقاد خاطئ بأن الهاتف الذكي هو المصدر الوحيد أو الرئيسي للمشكلة. لكن في الواقع، الأمر يُعد أكثر تعقيدًا من ذلك من الناحية العلمية.
في الثمانينيات، واجه المراهقون تحديات هائلة مثل الإفراط في استهلاك الكحول، والقيادة تحت تأثيرها، والتجارب الجنسية المبكّرة، والإصابات، والوفاة. وقد انخفضت هذه المخاطر بشكل حاد. ما يهم في هذا السياق هو أنه يُظهر أن هناك مسألة أكبر تحدث خلال هذه المرحلة الحاسمة من الحياة، وأن مجرد سحب الهواتف الذكية من المراهقين لن يحل المشكلة.
هناك أسباب تدعو إلى تقليل الوصول إلى الهواتف الذكية، لأن وقت الشاشة يحل محل النوم، والتمارين الرياضية، والتفاعل الواقعي مع الآخرين. وفي الوقت ذاته، فإن التحديات التي يواجهها المراهقون ناتجة عن ظاهرة أكبر.
CNN: ما هي هذه الظاهرة الأكبر التي تفسّر سبب صعوبة مرحلة المراهقة؟مات ريشتل: المراهقة هي عملية لها هدف بالغ الأهمية، أي دمج ما هو معروف وما هو مجهول في عالم يتغيّر بسرعة. المعروف هو ما يخبرك به والداك على أنه صحيح، مثل أن عليك قراءة الكتب. أما المجهول، فهو ما يُثبت فعاليته فعليًا مع تغيّر هذا العالم. على سبيل المثال، قد لا تكون الكتب هي الوسيلة الأهم بعد الآن.
يؤدي هذا الدمج بين المعروف والمجهول إلى شعور هائل بالصراع الداخلي لدى المراهقين.
يحدث ذلك في ظل ظاهرة انخفاض سن البلوغ. فعندما يبدأ البلوغ في وقت مبكر، يصبح دماغ المراهق أكثر حساسية للمعلومات في سن أصغر، في وقت لا تكون فيه بقية أجزاء الدماغ مهيأة تمامًا للتعامل معها. وهذا يسبب نوعًا من عدم التوافق العصبي بين ما يمكن للمراهق استيعابه وما يمكنه معالجته.
CNN: هل يساعد هذا أيضًا في تفسير سبب عدم استماع المراهقين لذويهم في كثير من الأحيان؟
مات ريشتل: نعم. إنهم لا يستمعون إلى ذويهم لأنهم يمرون بمرحلة انتقالية من الاعتماد على رعاية الأهل إلى الحاجة لتعلّم كيفية رعاية أنفسهم.
CNN: أنت تطلق على هذا الجيل من المراهقين اسم "جيل الاجترار الفكري"، لماذا؟مات ريشتل: المراهقون يُبرمجون أنفسهم لاستكشاف العالم من حولهم. في الماضي، كان هذا الاستكشاف يحدث في الخارج. لكن، وخصوصًا منذ فترة الستينيات، بل وبشكل أكبر الآن، أصبح الكثير من هذا الاستكشاف يحدث داخليًا.
عندما كان الاستكشاف خارجيًا، كانت النتيجة في الغالب تتسبب بالكثير من الكسور في العظام. أما في العقود الأخيرة، فقد بدأنا نرى المزيد من الأشخاص يطرحون أسئلة تتعلق بالصحة النفسية.
وقد ظهرت في العشرين عامًا الماضية أسئلة لم يكن أحد يهتم بطرحها من قبل، مثل: ما هو الفتى؟ وما هي الفتاة؟ رغم أن هذه الأسئلة تُسبب عدم ارتياح للكثيرين، فإنها تعد جزءًا من آلية البقاء لدى الجنس البشري، أي أن يقوم المراهقون بالاستكشاف من أجل أنفسهم ومن أجل الآخرين أيضًا.
إقرأ المزيد