س-ن-ن بالعربية - 8/29/2025 10:03:04 AM - GMT (+3 )

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتقلص حجم الدماغ البشري مع التقدم في السن، ما يؤثر على القدرة على التذكر. مع ذلك، هناك قلة محظوظة من الأشخاص، يلقبون بـ "المسنّين الخارقين"، يمتلكون أدمغة قادرة على مقاومة الشيخوخة.
بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، تبقى ذكرياتهم حادة كما كانت قبل 30 عامًا أو أكثر.
تُعتَبَر كارول سيجلر، التي تعيش في مدينة شيكاغو بأمريكا، من "المسنّين الخارقين"، إذ عندما كانت في الـ82 من عمرها، فازت ببطولة الكلمات المتقاطعة الأمريكية لفئتها العمرية، والتي قالت إنها شاركت فيها "كمزحة".
اليوم، لا تزال سيجلر التي ستصبح في التسعين من عمرها قريبًا، تتمتّع بدماغ مبهر، وفقًا لما ذكرته تامار جيفين الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية في معهد "Mesulam" لعلم الأعصاب الإدراكي ومرض الزهايمر في جامعة "نورث وسترن" بشيكاغو.
تُجري جيفين أبحاثًا في برنامج "SuperAging Program" في جامعة "نورث وسترن"، الذي يدرس حاليًا 113 شخصًا مصنفًا ضمن فئة "المسنّين الخارقين".
على مدار الأعوام الـ25 الماضية، تبرّع 80 شخصًا من كبار السن بأنسجة أدمغتهم للبرنامج، ومهّد ذلك الطريق لاكتشافات مذهلة.
تحدثت CNN مع جيفين بشأن تلك العقود من الدراسات. يُذكر أنّها مؤلِّفة مشاركة في تحليل جديد لتلك الأبحاث نُشرِ في مجلة "Alzheimer’s & Dementia"، الخاصة بجمعية مرض الزهايمر.
تم تحرير هذه المقابلة من أجل الوضوح والإيجاز.
CNN: كيف يمكنكم رصد "المسنون الخارقون"؟ وماذا الذي استنتجتِ بشأن سلوكهم على مر السنين؟
تامار جيفين: حتى يكون الشخص جزءًا من "المسنين الخارقين" في برنامجنا بجامعة "نورث وسترن"، يجب أن يكون عمره أكثر من 80 عامًا، وأن يخضع لاختبارات معرفية مكثفة.
فحصنا ألفي شخص تقريبًا اعتقدوا أنهم من "المسنين الخارقين"، واستوفي أقل من 10% منهم المعايير.
على مدار الأعوام الـ25 الماضية، درسنا حوالي 300 من "المسنين الخارقين"، وتبرع عدد منهم بأدمغتهم لأغراض بحثية. تشمل إحدى سماتهم الرئيسية أنهم اجتماعيين للغاية، حيث يُقدّرون التواصل، وغالبًا ما يتمتعون بالنشاط في مجتمعاتهم.
هذا مثير للاهتمام لأننا نعلم أن العزلة جزء من عوامل خطر الإصابة بالخرف، وبالتالي فإن الحرص على النشاط الاجتماعي ميزة وقائية معروفة.
تتميز السمات المشتركة الأخرى بين هؤلاء بالشعور بالاستقلالية، والحرية، إذ يتخذون القرارات ويعيشون حياتهم بالطريقة التي يريدونها.
لكن فيما يتعلق بالسلوكيات الصحية، يختلف "المسنون الخارقون" عن بعضهم البعض.
هناك من يعانون من أمراض القلب، والسكري، ولا يمارسون الرياضة، ولا يتبعون نظامًا غذائيًا جيد مقارنة بأقرانهم في العمر ذاته.
CNN: جاءت العديد من اكتشافاتك الأكثر إثارة للاهتمام من دراسة أنسجة أدمغة المتبرعين. ما الذي اكتشفته عن مركز الذاكرة في أدمغة "المسنين الخارقين"؟
تامار جيفين: أظهرت دراساتنا أن منطقة الدماغ المسؤولة عن الانتباه والتحفيز والانخراط المعرفي، المعروفة باسم القشرة الحزامية، أكثر سمكًا لدى "المسنين الخارقين"، حتى بالمقارنة مع أشخاص في الخمسينيات والستينيات من العمر.
في الحُصين، وهو مركز الذاكرة في الدماغ، وجدنا أن كبار السن يتمتعون بتشابكات "تاو" أقل بثلاث مرات مقارنةً بأقرانهم "العاديين". تُعد هذه التكوينات غير الطبيعية لبروتينات "تاو" إحدى العلامات الرئيسية لمرض الزهايمر.
تمتلك أدمغتهم أيضًا خلايا أكبر وأكثر صحة في القشرة الشمية الداخلية، وهي منطقة أساسية للذاكرة والتعلم، ولها اتصالات مباشرة بالحُصين.
يجدر بالذكر أنّ القشرة الشمية الداخلية من مناطق الدماغ الأولية التي تُصاب بمرض الزهايمر.
في دراسة أخرى، فحصنا كل طبقة من خلايا القشرة الشمية الداخلية لدى "المسنين الخارقين"، وقمنا بقياس حجم الخلايا العصبية بدقة.
وجدنا أنه في الطبقة الثانية (الأكثر أهمية لنقل المعلومات)، تمتع "المسنون الخارقون" بخلايا عصبية ضخمة، وممتلئة، وسليمة، وجميلة، وضخمة في القشرة الشمية الداخلية.
كان ذلك اكتشافًا مذهلاً، لأن الخلايا الشمية الداخلية لديهم كانت أكبر حجمًا من تلك الموجودة لدى الأفراد الأصغر سنًا بكثير، حتى الذين كانوا في الثلاثينيات من عمرهم، ما جعلنا نُدرك أن عنصر السلامة الهيكلية يلعب دورًا.
CNN: ما الذي تعلمته من أبحاثك حول كيفية تفاعل أدمغة كبار السن مع الإصابات، والأمراض، والإجهاد؟
تامار جيفين: يُعد الالتهاب (بمجرد تجاوزه حدًا معينًا)، عاملاً رئيسيًا في فقدان الخلايا عند المعاناة الزهايمر وجميع الأمراض العصبية التنكسية الأخرى تقريبًا.
قد يهمك أيضاً
عند المقارنة بأدمغة أقرانهم من العمر ذاته، امتلك كبار السن عددًا أقل من الخلايا الدبقية الصغيرة النشطة، أي الخلايا المناعية المقيمة في الدماغ، في المادة البيضاء.
المادة البيضاء أشبه بالطريق السريع للدماغ، ويتم خلالها نقل المعلومات من جزء إلى آخر.
تمتلك أدمغة كبار السن عددًا أقل من الخلايا الدبقية الصغيرة النشطة. في الواقع، كانت مستويات الخلايا الدبقية الصغيرة مساويةً للمستويات الموجودة لدى لأشخاص في الثلاثينيات، والأربعينيات، والخمسينيات من العمر.
قد يعني هذا وجود مستويات أقل من المواد غير الضرورية أو الأمراض في دماغ "المسن الخارق"، وبالتالي لا تحتاج الخلايا الدبقية الصغيرة إلى أن تكون نشطة.
من ناحية أخرى، قد يعني ذلك أن الخلايا الدبقية الصغيرة تستجيب بكفاءة عند التخلص من الأمراض أو السموم، وبما أنّها أكثر مرونةً وقدرةً على التكيف، فإنها قادرة على تفعيل نفسها، والاستجابة، ومن ثم تهدئة نفسها.
CNN: يبدو أن ولادة الشخص بالجينات المناسبة لحماية الدماغ مسألة حظ. ماذا يعني ذلك للمستقبل؟
تامار جيفين: علم الوراثة معقد. لا يقتصر الأمر على التمتع بجين محدّد أم لا، بل يتعلق أيضًا بكيفية تفاعل بيئتك الداخلية والخارجية معًا للتأثير على كيفية "تفعيل" الجين أو التعبير عنه.
هناك قائمة من الجينات المرشحة التي بدأنا بدراستها بعناية فائقة، وهي جينات تلعب أيضًا دورًا في جوانب مثل طول العمر، والشيخوخة، وإصلاح الخلايا، والاحتياطي المعرفي.
أنا متحمسة لذلك، ليس فقد فيما يتعلق بالجينات الموروثة من الوالدين، ولكن أيضًا بشأن الجينات على مستوى الخلايا، التي تُمكّن كل خلية عصبية أو خلية مناعية من أداء وظيفتها داخل الدماغ.
في ظل تقدم التكنولوجيا بسرعة كبيرة، أنا متأكدة من أننا سنصل إلى نقطة ستكون فيها الوقاية أو التعديل على المستوى الجيني جزءًا من خطة العمل.
قد يهمك أيضاً
إقرأ المزيد