س-ن-ن بالعربية - 7/18/2025 11:21:07 AM - GMT (+3 )

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في سن السادسة والتسعين، سئمت بيتي باركر سماع شكاوى الآخرين عن آلامهم وأوجاعهم، وراحت تملأ دفتر يومياتها بكل الأنشطة الجميلة التي لا تزال تقوم بها، مثل: قطف الورود من حديقتها، والمطالعة، ولعب الورق مع مجموعتها المعتادة من الأصدقاء، وخَبز الفطائر عندما تستضيف الأصدقاء.
قالت باركر إن سنوات التسعينيات من عمرها كانت حافلة بالمعنى الإنساني والتواصل، وهما أمران يواجه كثيرون صعوبة في الحفاظ عليهما، بصرف النظر عن أعمارهم.
من جهتها أوضحت الدكتورة كيري بيرنايت، اختصاصية طب الشيخوخة في كاليفورنيا وابنة باركر، أنّ السلوكيات الصحية مثل التغذية الجيدة، وممارسة تمارين القوة مهمة لإطالة العمر، لكن الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية من العوامل الأساسية التي يجب التعامل معها إذا أردنا عيش حياة أطول والاستمتاع بها في الوقت ذاته.
قد يهمك أيضاً
أما الدكتور جون باتسيس، طبيب أمراض الشيخوخة والأستاذ المساعد بكلية الطب وكلية "غيلينغز" للصحة العامة في جامعة نورث كارولاينا بتشابل هيل فقد لفت إلى أن "متوسط العمر المتوقع قد يتحسَّن عمومًا لدى الجيل الأخير، لكننا نريد ضمان أن يعيش الأفراد سنوات جيدة، لا أن يعيشوا فقط لسنوات أطول".
وأشارت بيرنايت إلى أنّ طبيب الشيخوخة متخصص برعاية كبار السن، بينما عالم الشيخوخة يدرس عملية الشيخوخة من النواحي البيولوجية، والاجتماعية، والنفسية.
رأت بيرنايت أن هناك أربعة عوامل هي الأهم لتحقيق أكبر قدر من السعادة في سنوات العمر الأطول والأكثر صحة، ألا وهي:
- النمو الشخصي
- التواصل مع الآخرين
- التكيف مع التغيرات
- العطاء.
يمكن لممارسة التمارين اليومية ليس فقط الحفاظ على صحة الجسم، بل أيضًا تدريب القوة الداخلية لتعزيز الروابط الاجتماعية، والشعور بالمعنى والهدف في الحياة.
إذا لم تبكر جدًا في استحداث حياة تستمتع بها، فأنت لم تتأخر كثيرًا بالبدء بذلك. ونصح باتسيس بالتفكير بكيف ستبدو أيامك عند التقاعد في حال لم تصل إلى هذا السن بعد، مضيفًا أن "ما يمكن تسميته بمنحدر التقاعد يكون صعبًا جدًا على الأشخاص الذين عملوا طوال حياتهم".
يمكن للمتقاعدين إيجاد فرص لتأسيس اهتمامات جديدة يحبونها، إذ ذكرت بيرنايت مؤلفة الكتاب المرتقب "جويسبان: فن وعلم الازدهار في النصف الثاني من الحياة"، أنه "لم يفت الأوان، بل هو الوقت المثالي لتغوص في شغفك، وتُعيد تعريفه".
لا تتوقف عن تطوير نفسكبدأ أحد المرضى لدى باتسيس بممارسة الغولف بعد تقاعده، لكنه أيضًا بدأ تعلّم العزف على آلة الغيتار. لم يجرّب ذلك من قبل، ولم يعتبر نفسه موهوبًا موسيقيًا، بيد أنّ هذا النشاط فتح له عالماً جديدًا.
الآن، يعزف المريض على الغيتار، ويحضر حفلات محلية ربما لم تثر اهتمامه سابقًا. وأضاف باتسيس أنه من الأفضل العثور على هواية تحافظ من خلالها على نشاطك البدني. فكلما تحركت أقل، أصبحت أضعف، لذلك فإن إيجاد نشاط يكسر نمط الخمول مفيد للحفاظ على قدرتك للقيام بمزيد من الأنشطة مع تقدمك بالعمر.
قد يهمك أيضاً
تُعتبر الألغاز اليومية مثل الكلمات المتقاطعة أو السودوكو جيدة لتنشيط الدماغ، لكن للبقاء حاد الذهن وزيادة متعة سنواتك المتقدمة، من المهم أن تقوم بأشياء صعبة.
رأت بيرنايت أنّ "التجارب الجديدة تُنشّط اللدونة العصبية.. أي قدرة الدماغ على الاستمرار في النمو"، موضحة أنه "إذا واظبت على القيام بالأنشطة عينها التي اعتدت عليها، فلن تهيئ لنفسك فرصة للنمو المستمر".
يكم السرّ بالنسبة لباتسيس في أن تجد نشاطًا تستمتع بممارسته بالفعل، لا أن تضغط على نفسك للقيام بأنشطة تعتقد أنه يجب عليك القيام بها في سن الشيخوخة. وأضاف أنه إذا لم تكن من محبي القراءة من قبل، فلن تجد دافعًا كي تصبح قارئًا بعد التقاعد، على الأرجح.
نوّع علاقاتك الاجتماعيةتجتمع باركر مرة في الشهر مع مجموعة تُطلق عليها اسم "الصغار" للعب الكاناستا، وهي اللعبة التي علمتهم إياها.
تتكوّن مجموعة "الصغار"، بحسب باركر، من نساء في الستينات من عمرهن، تعرفت إليهن عبر زوجة ابنها.
رغم أنهنّ أصغر منها بكثير، إلا أنها تقدّر وجود مجموعة متنوعة من الصديقات. وهذا يصبح أكثر أهمية لا سيما بعدما فقدت زوجها وبعض العلاقات القريبة الأخرى.
وأضافت: "كما ننوع محفظتنا المالية، نريد اجتماعيًا أن يكون لدينا أصدقاء من أعمار مختلفة، وأصدقاء من الحي، وأصدقاء من الماضي".
أما إذا كنت بحاجة للتواصل مع المزيد من الأشخاص من ماضيك، فتوصي بيرنايت باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع من فقدت الاتصال بهم على مر السنين. وقالت إن الناس عادةً ما يشعرون بالسعادة لسماع أخبار صديق قديم.
قد يهمك أيضاً
رأت بيرنايت أنّ أهم نصيحة لديها تتمثل بأن تكون أنت الصديق. فالوحدة تشكّل خطرًا على طول العمر، لذا فإن الاستثمار بالعلاقات والاتصال بالآخرين أمر بالغ الأهمية.
وأضافت: "عليك أن تكون المبادر بالاتصال لوضع خطة، أو تذكر أعياد الميلاد، أو الجلوس بجانب مريض في المستشفى، أو توصيله إلى جلسات العلاج الكيميائي".
قالت باركر إن حياتها في التسعينيات مليئة بالفرح، لكنها لم تأتِ من دون حاجة إلى التكيف. فقد اضطرت إلى التخلي عن التنس قبل سنوات، وهي رياضة تفتقدها، وأحيانًا تحتاج لاستخدام المشاية للتنقل، لكنها أوضحت أن هذه التغيرات لم تمنعها من الضحك مع عائلتها، وقضاء الوقت في حديقتها، أو حتى المشاركة في العرض المحلي بمناسبة الرابع من يوليو/ تموز.
وتواجه بيرنايت الشيخوخة بعقلانية إذ قالت: "ستواجهنا ظروف متغيرة دومًا، والتقدم بالعمر يترافق مع الكثير من التحديات"، مضيفة أنه "عوض إنكار ذلك أو القول ’حياتي لن تكون جيدة بعد كل هذه التغيرات‘، فإن الذين يشيخون بشكل جيد هم الذين يتكيفون، أي الذين يقبلون التغيير بل ويتبنونَه".
وأشارت إلى أن طريقة التكيف تبدأ بالاعتراف بأن مواجهة الصعوبات أمر طبيعي، وأن المهم كيفية التعامل معها، موضحة أنّ الأبحاث أظهرت أن طريقة تفكير الإنسان في الشيخوخة تؤثر بشكل عميق على كيفية تقدمه في العمر.
وأوصت بيرنايت بضرورة التركيز على ما يمكن للفرد تقديمه للآخرين، لا سيما أنّ الأدلة أشارت إلى أنّ الأشخاص الذين يعطون من وقتهم للآخرين يشعرون بفرح، وهدف، وحياة أطول.
إقرأ المزيد