س-ن-ن بالعربية - 7/15/2025 2:41:05 PM - GMT (+3 )

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يبدو إطلاق مئات الملايين من حشرات الذباب في السماء من الطائرات كابوسًا مروّعًا، لكن خبراء يؤكدون أن هذا السرب الضخم قد يمثل خط الدفاع الأفضل لصناعة تربية المواشي في مواجهة تهديد مفترس آكل للحوم، يُوشك أن يتسلّل عبر الحدود الجنوبية الغربية للولايات المتحدة.
منذ أوائل عام 2023، شهدت أمريكا الوسطى تفشيًا للديدان الحلزونية للعالم الجديد، وهي يرقات ناتجة عن نوع من الذباب المعروف بتعشيشه في جروح الحيوانات ذات الدم الحار والتغذي عليها، وهي لا تزال حيّة، وببطء.
تم تسجيل حالات إصابة في كل من بنما، وكوستاريكا، ونيكاراغوا، وهندوراس، وغواتيمالا، وبليز، والسلفادور ، في أول تفشٍ واسع من نوعه تشهده غالبية هذه الدول منذ أكثر من 20 عامًا.
وقد وصلت هذه الذبابة إلى جنوب المكسيك في نوفمبر/ تشرين الثاني، ما أثار قلق مسؤولي قطاع الزراعة الأمريكي، وأدى إلى إغلاق عدد من منافذ تجارة الماشية والخيول بالقرب من الحدود.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها الولايات المتحدة غزوًا من الدودة الحلزونية للعالم الجديد (New World Screwworm). فقد نجحت البلاد إلى حد كبير في القضاء على هذه الآفة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، من خلال برنامج مبتكر اعتمد على تربية ذكور معقّمة من الذباب وإطلاقها جوًا لتتزاوج مع الإناث البرية، ما أدى إلى وقف دورة تكاثرها.
أدت هذه الاستراتيجية، والتي تعتمد أساسًا على محاربة الذباب بالذباب، تدريجيًا إلى تراجع أعداد الحشرات من خلال منعها من وضع المزيد من البيوض.
الآن، مع استمرار انتشار هذه الحشرات شمالاً، يأمل المسؤولون أن تنجح هذه الطريقة مرة أخرى.
مع ذلك، يوجد اليوم منشأة واحدة فقط في بنما تقوم بتربية ذكور الدودة المعقّمة لنشرها، وهناك حاجة إلى مئات الملايين الإضافية من الذباب المعقّم لإبطاء تفشي المرض، وفقًا لرسالة صدرت في 17 يونيو/ حزيران، ووقّعها 80 مشرعًا أمريكيًا.
في اليوم التالي، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية عن خطط لإنشاء "مصنع للذباب" في بلدة لم يُحدد موقعها بعد، بالقرب من الحدود بين ولاية تكساس والمكسيك. لكن القضاء على الدودة الحلزونية قد لا يكون سريعًا، أو رخيصًا.
مخاطر الدودة الحلزونيةتُعد الدودة الحلزونية للعالم الجديد يرقةً طفيلية لذبابة ذات لون أزرق معدني تُعرف باسم Cochliomyia hominivorax. وعلى عكس جميع أنواع ذباب الجيف الأخرى في نصف الكرة الغربي، تتغذى الدودة الحلزونية للعالم الجديد على لحم الحيوانات الحية بدلاً من النافقة، وفقًا لما ذكره الدكتور فيليب كوفمان، وهو أستاذ ورئيس قسم علم الحشرات في جامعة تكساس A&M.
قال كوفمان إن هذه اليرقات الآكلة للّحم تستهدف غالبية الحيوانات ذات الدم الحار، بما في ذلك الخيول والأبقار، وقد تم تسجيل حالات إصابة لدى الحيوانات الأليفة المنزلية، بل وحتى البشر في بعض الحالات النادرة.
وأوضح كوفمان: "بعد التزاوج، تبحث الذبابة الأنثى عن عائل حي، وتهبط على جرحه، ثم تضع ما بين 200 إلى 300 بيضة".
وتابع: "بعد 12 إلى 24 ساعة، تفقس جميع هذه البيوض، وتبدأ اليرقات فورًا بالحفر والتغذي على أنسجة الحيوان، ما يؤدي إلى تكون جروح كبيرة جدًا".
وفقًا لتوماس لانسفورد، وهو نائب المدير التنفيذي والطبيب البيطري المساعد في لجنة صحة الحيوانات في تكساس، فإن اليرقات بعد أن تتغذى على الأنسجة باستخدام خطاطيف فمها الحادة لعدة أيام، تسقط من الحيوان، وتبدأ بالحفر في الأرض لتتحول لاحقًا إلى ذباب بالغ.
منذ بداية التفشي في عام 2023، تم الإبلاغ عن أكثر من 35 ألف حالة إصابة بالدودة الحلزونية للعالم الجديد، وفقًا لإحصاءات موقع لجنة بنما–الولايات المتحدة للقضاء على الدودة الحلزونية في الماشية (COPEG).
وأشارت البيانات إلى أن الأبقار تشكل حوالي 83% من حالات الإصابة.
قال لانسفورد إن علاج الماشية المصابة غالبًا ما يتضمن التنظيف، والمعالجة بالمطهرات، وتغطية الجروح.
وإذا تُركت الحالة من دون علاج، يمكن للذباب أن يقتل الحيوان خلال فترة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، وينتقل بعدها إلى حيوانات أخرى، ما يشكل تهديدًا خطيرًا لمصدر رزق مربي الماشية.
من جهته، أوضح ستيفن ديبل، مربي الماشية ونائب رئيس جمعية مربي الماشية في تكساس وجنوب غربها أن "فحص الماشية يوميًا أمر ضروري، فقط للتأكد من خلوها من الإصابة".
وأضاف: "ندرك تمامًا التأثير الاقتصادي الهائل الذي قد تُحدثه أي إصابة".
وأشار ديبل إلى أنه لا توجد لقاحات معروفة أو طرق فعالة لصد الذباب ومنع الإصابة. بدلاً من ذلك، أوصى بتجنب عمليات الوسم، والتعليم، والإجراءات التي قد تُحدث فتحات في أجسام الماشية خلال الأشهر الدافئة، لأنها قد تصبح نقاط دخول ليرقات الذباب الحلزوني.
رغم أن تجارة الماشية الإقليمية تُعتبر وسيلة رئيسية لانتقال الذباب، أوضح ديبل أن العدوى قد تصيب أيضًا حيوانات برية أخرى مثل الغزلان، والطيور، والقوارض، ما يجعل مراقبة انتشار هذا النوع من الطفيليات أكثر تعقيدًا.
إقرأ المزيد