لماذا يعد اقتراب المذنب 3I/ATLAS من الأرض هدية عيد ميلاد استثنائية لعلماء الفلك؟
روسيا اليوم -

وهذا المذنب ليس جزءا من نظامنا الشمسي، بل هو جسم "نجمي" تشكل حول نجم آخر قبل مليارات السنين، ثم قذفته جاذبية كوكب عملاق في مجرتنا ليرتحل عبر الفضاء حتى وصل إلينا الآن.

إقرأ المزيد

ويعد هذا المذنب ثالث جسم بينجمي يكتشفه البشر بعد الجسم الغامض "أومواموا" (اكتشف عام 2017)، والمذنب "بوريسوف" (اكتشف عام 2019).

وما يميز هذه الأجسام أن لها مدارات مفتوحة تمكنها من دخول نظامنا الشمسي ثم مغادرته إلى الأبد، على عكس كل المذنبات والكويكبات المعتادة التي تدور حول شمسنا. لذلك، فهي تمثل فرصة فريدة لدراسة مواد تكونت في أنظمة شمسية أخرى.

وبعد اكتشاف أول جسم بينجمي في عام 2017، أصبحنا نعرف أن نظامنا الشمسي يستقبل بين الحين والآخر زوارا من أنظمة نجمية أخرى. وهذه الأجسام، التي يطلق عليها "الزائرون البينجميون"، تختلف جوهريا عن كل ما في نظامنا الشمسي: فهي لا تدور حول شمسنا، بل تأتي من الفضاء البعيد، تمر بجوارنا بسرعة، ثم تغادر إلى الأبد دون عودة. مداراتها المفرطة هي التي تشير إلى أصولها الغريبة عن مجموعتنا الشمسية.

إقرأ المزيد

وما يجعل دراسة هؤلاء الزوار أمرا بالغ الأهمية هو أنهم يحملون معهم أسرار تكوين الكواكب في الأنظمة النجمية البعيدة. فكل مذنب أو كويكب هو بمثابة كبسولة زمنية تحتفظ بمواد تعود إلى المراحل الأولى من تشكل النظام الكوكبي الذي جاء منه. ومن خلال تحليل تركيبها الكيميائي، يمكننا أن نعرف الكثير عن الظروف التي نشأت فيها.

وتشير الأدلة العلمية إلى أن نظامنا الشمسي نفسه كان مصدرا لمثل هذه الأجسام النجمية. ففي مرحلة مبكرة من تكونه، عندما كانت الكواكب العملاقة تهاجر وتعيد ترتيب مداراتها، قامت بقذف كميات هائلة من المواد إلى الفضاء بين النجوم. وتشير التقديرات إلى أن ما يعادل 30 كتلة أرضية من الأجسام بحجم المذنب الحالي قد طردت من نظامنا الشمسي إلى مجرة درب التبانة.

وبما أننا نعلم اليوم أن معظم النجوم لها كواكب تدور حولها، فمن المنطقي أن تلك الأنظمة الكوكبية الأخرى تكون قد قذفت بدورها مذنباتها إلى الفضاء. وهكذا، فإن دراسة الزوار النجميين مثل 3I/ATLAS تمنحنا لمحة عن العمليات التي حدثت في أنظمة شمسية أخرى.

إقرأ المزيد

ماذا يمكن أن نتعلم من هذا الزائر؟

أظهرت الدراسات السابقة أن المذنب "بوريسوف" كان غنيا بأول أكسيد الكربون، ما يشير إلى أنه تشكل في مناطق شديدة البرودة وبعيدة جدا عن نجمه الأم. أما المذنب الحالي 3I/ATLAS، فقد أظهرت مشاهدات تلسكوب جيمس ويب الفضائي أنه غني بثاني أكسيد الكربون، وهي مادة أخرى تتطلب برودة شديدة لتتجمد. وهذا يقود العلماء إلى استنتاج أن هذا المذنب تكون في المناطق الباردة والنائية من نظامه الشمسي الأصلي.

وهذه الاكتشافات تطرح أسئلة عميقة: هل تكونت مذنباتنا الشمسية في مناطق أقرب إلى الشمس؟ أم أن نظامنا الشمسي قذف مذنباته البعيدة إلى الفضاء بين النجوم؟، والإجابة يمكن أن تخبرنا كم هو فريد نظامنا الشمسي مقارنة بالأنظمة الأخرى في مجرتنا.

كيف يمكنك رؤيته؟

ومع اقتراب 3I/ATLAS من الأرض في 19 ديسمبر، سيكون المذنب مرئيا بواسطة تلسكوبات هواة الفلك القوية أو المناظير عالية الجودة. وبالنسبة لعلماء الفلك، يمثل هذا الاقتراب فرصة ذهبية لتحليل تركيبته بدقة أكبر باستخدام التلسكوبات العملاقة، حيث ستكون الإشارات الواردة منه أقوى وأوضح.

وفي النهاية، يذكرنا هذا الزائر النجمي بأن نظامنا الشمسي ليس منعزلا في الكون، بل هو جزء من نظام تبادل كوني أكبر. فكما قذفنا موادا إلى الفضاء بين النجوم، فإننا نستقبل بدورنا مواد من أنظمة نجمية أخرى. كل زائر من هذا النوع يمثل فرصة لفهم أعمق لكيفية تشكل الأنظمة الكوكبية في جميع أنحاء مجرتنا، ويساعدنا على تحديد ما إذا كان نظامنا الشمسي نموذجا أم فريدا في هذا الكون الشاسع.

المصدر: سبيس

إقرأ المزيد


إقرأ المزيد