إيلاف - 12/10/2025 12:42:10 PM - GMT (+3 )
رحل محمد بركات من دون ضجيج، ولم ينل وساماً رفيعاً من الحكومة اللبنانية تقديراً لعطاءاته التربوية والاجتماعية طوال نصف قرن ويزيد. بعد تقاعده، تحامل عليه البعض، وتناساه البعض الاخر. هو الذي شكل أحد الأعمدة التاريخية لـ "مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان – دار الايتام الاسلامية". ولم يقتصر دوره على الدار، اذ لعب دوراً فاعلاً في الحياة التربوية في لبنان، وفي العمل الرعائي، وكان مثالاً للانفتاح والتعاون والشركة مع جمعيات مماثلة تتبع طوائف ومذاهب أخرى. أرشيف دار الأيتام الإسلامية. لم تكن دار الايتام الاسلامية عندما تسلمها، كما الحال عندما سلمّها. وكان هو اللولب فيها انطلاقاً من تسلمه الادارة العامة لنحو 50 سنة ونيف، جعلت المؤسسة تبلغ مستوى رفيعاً في توسعة الخدمة وشموليتها ونوعيتها. عند إتمامه الخامسة والعشرين من عمره شاءت الصدفة أن يعيّن في مطلع العام 1961 مديراً عاماً لدار الأيتام الإسلامية، فكان أصغر المديرين العامين سناً. بمتابعته الحثيثة توسعت دار الأيتام الإسلامية من مركزها الوحيد عام 1961 في طريق الجديدة إلى ما هي عليه منتشرة في المناطق اللبنانية، وقد واكب تمويل وبناء وتسيير 51 مجمعاً ومؤسسة ومركزاً ومبرة في 51 عاماً. شاب عمله في المؤسسة بعض التغاضي عن اخطاء وخطايا عرضها الاعلام لاحقاً، ليوجه اليه التهم بالإهمال او التواطؤ ضمناً، وهو كلام فيه الكثير من التجني والظلم، اذ ان بعض المجتمع والاعلام، لا يمسك بمقياس الانجازات، بل يتوقف عند بعض الإخطاء، كأنها تمحو كل ما سبق. كأن السبق الصحافي، وتحت شعارات انسانية واخلاقية، يسيء ويدمّر في احيان كثيرة. قرأت في خبر وداعه ان "الدار التي أحبّها وأفنى عمره في خدمتها استقبلت جثمانه لإلقاء النظرة الأخيرة قبل التشييع، في مشهد إنساني مؤثر جمع أفراد أسرته، وأبناء الدار الذين قدّموا له التحية الكشفية محاطين بأكاليل الورد. كما توافد عدد من الخريجين السابقين لتوديع الأب والراعي والداعم الذي واكب مراحل طفولتهم وشبابهم حتى بلوغهم مسار الاستقلالية". الراحل محمد بركات. وألقت رئيسة مجلس العمدة ندى سلام نجا كلمة وجدانية عبّرت فيها عن أصدق آيات العرفان والامتنان لما بذله من جهد ورؤية وتخطيط، وما أسّسه من مراكز وخدمات جعلت الدار مساحة مفتوحة لكل صاحب حاجة، وملاذاً للملهوفين، ومنصة تُعيد الأمل وترسم الفرح في قلوب الكثيرين. فقد كان شخصية استثنائية حملت رسالة المؤسسات على مدى 52 عاماً من العمل الدؤوب، حتى أصبحت نموذجاً مرجعياً للعمل الخيري في لبنان والعالم العربي، من حيث تنوّع خدماتها وانتشارها على امتداد الوطن". وختمت: "إن الإرث الذي تركه الأستاذ محمد بركات يتجاوز حدود العطاء، ليشكّل مسيرة إنسانية متجذّرة في وجدان المؤسسات، وذكرى حيّة ستبقى متوهّجة في ذاكرة الأجيال المقبلة". لكنّي لم أقع في الخبر على تكريم استثنائي لرجل بحجم محمد بركات، ولم أشاهد وزيراً يضع على نعشه وسام تقدير، ولم يحضر حشد من الرسميين، وخصوصاً البيروتيين، لوداعه. حتى بيانات النعي كانت معدودة، ولو ان بيانين للرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة أنقذا الموقف قليلا.
إقرأ المزيد


