روسيا اليوم - 12/7/2025 1:28:49 PM - GMT (+3 )
وانطلقت قناة "الإخبارية" السورية بعد توقفٍ لمختلف القنوات السورية لأشهر منذ تسلّم العهد الجديد حكم دمشق، وفي ختام العام في الشهر الأخير منه تحديداً، تمّ إصدار صحيفة الثورة ورقياً باسم (الثورة السورية)، وكانت توقفت عن الإصدار الورقي منذ جائحة "كورونا" سنة 2020، وجرى تغيير اسم صحيفة تشرين إلى صحيفة الحرية التي ستصدر منصة قد تكون متخصصة في الاقتصاد في الأيام القادمة كما ذكر حمزة مصطفى وزير الإعلام السوري خلال إطلاق صحيفة الثورة.. في هذا السياق، نعرض أهم التطورات الثقافية والدرامية في سوريا خلال سنة تمضي أيامها الأخيرة، حيث يعود الفن والثقافة ليشكلّان جزءاً مهماً من عملية النهوض الوطني الجديد.
- إعادة استئناف الإنتاج الدرامي استعادة الروح الإبداعية
منذ حوالي العام، أُعيد إحياء العديد من الأنشطة الفنية المفارقة لما كان يُقام سابقاً، حيث أطلقت اللجنة الفنية الجديدة مشاريع عدة في مجال الإنتاج الدرامي.
في الأشهر الثلاثة الأولى، تمّ تغيير وإعادة هيكلة "نقابة الفنانين" ولجنة صناعة السينما، واتحادي الكتاب العرب والفنانين التشكيليين، وأعيدت ثمانية أعمال درامية إلى التصوير، مثل مسلسلات "البطل"، "نسمات أيلول"، و"ما اختلفنا". وجرى تعيين "روؤساء ونقباء للنقابات والاتحادات الفكرية والفنية حيث عيّن الفنان مازن الناطور نقيباً للفنانين وفتح باب الانتساب للنقابة وأعطى فرص الانتساب لشريحة كبيرة من مزاولي المهنة.. وإعادة هيكلة الكثير من المؤسسات الثقافية والإعلامية مثل وكالة سانا وغيرها..
ويذكر الناقد الصحفي منصور الديب أن الموسم الدرامي السوري لعام 2026 يعكس رغبة صناع الدراما في تقديم محتوى يرتكز على قضايا حيوية ومعاصرة، بالإضافة إلى تناول فترات تاريخية بالغة الأهمية.
وأضاف بأن الأعمال التي ستعرض في هذا الموسم تتنوع بين الاجتماعي والتاريخي والكوميدي، مما يخلق لوحة درامية غنية تلبي مختلف أذواق المشاهدين وتواكب تطلعاتهم نحو محتوى جاد وواقعي.
ولفت إلى أنه من المتوقع عرض أعمال هامة في رمضان 2026، مثل : القيصر , الخروج إلى البئر , ثلاثيات لازمان.. لامكان التي تجسد محطات من الثورة السورية، إضافة إلى مسلسلات مثل عيلة الملك ,المماليك ,النويلاتي , حاتم الطائي ، سعادة المجنون ، مطبخ المدينة ،ونبلاء دمشق إلى جانب أعمال وثائقية وأفلام قصيرة تعكس روح التغيير والنهوض في البلاد.
- المسرح السوري ولادة متعسرة
الكاتب والناقد مسرحي جوان جان قال أنه على مدى تاريخِه الممتدّ زمنياً حتى سبعينياتِ القرنِ التاسع عشر لم يعرف المسرح السوري يوماً الاستكانة للظروف الطارئة أو الأحداث المصيرية التي من شأنها أن تحرفَ مسار أي حراك ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي.. ولا شكّ أن مسيرة المسرح السوري وإن بدا عليها الترهل والانحسار في الأشهر الأخيرة إلا أن المسرحيين السوريين مصممون اليوم أكثر من أي وقت مضى على النهوضِ بمسرحهم من جديد رغم الظروف التي قد لا تبدو مواتية في كثيرٍ من الأحيان.
وبعد الثامن من كانون أول 2024 كان لا بد من خطواتٍ تثبت أن المسرح السوري سيبقى واقفاً على قدميه بالنظر للتاريخ العريق الذي يمتلكه عربياً وهو المهد الذي بشّر بولادة المسرح العربي قبل أكثر من مئة وخمسين عاماً، وكانت واحدة من المعالم البارزة في العام الأخير من عمر المسرح السوري إقامة الدورة الخامسة من مهرجان محمد الماغوط المسرحي في مدينة سلمية الواقعة على حدود البادية في محافظة حماة وسط سوريا وقد حققت هذه الدورة من المهرجان نجاحاً كبيراً وتمكنت من استضافة عروض مسرحية من كلّ من دمشق وحلب واللاذقية بالإضافة إلى عروض مسرحية لمسرحيي أبناء المحافظة بطبيعة الحال، بالتوازي مع إقامة مهرجان حلب المسرحي واستمرار المسرح القومي بدمشق بتقديم عروضه وإن بشكل محدود، إذ قدم العرض المسرحي "آخر ليلة أول يوم" للمخرج رائد مشرف، واستضافت مسارحُ دمشق عدداً من العروض ذات الطابع الشبابي، أبرزها مسرحية "كل عارٍ وأنتم بخير" للأخوين محمد وأحمد ملص، كما استضافت عروضاً أخرى من المحافظات كالمسرحية الحلبية "ذاكرة اعتقال" للمخرج محمد مروان إدلبي والتي جالت على عدد من المدن السورية.
من جهتِها واظبت دار الأوبرا السورية على تقديم العروضِ المسرحية ذات الطابع الاحتفاليّ على صعيد الشكل الفني، كان آخرها عرض "وردة إشبيلية" للمخرج أحمد زهير.
وفي النهاية أعتقد أن المسرحُ السوري مُطالَب اليوم بالتطلع نحو المستقبل وعدم اجترار الماضي لأن المسرح أثبت دائماً وفي كلّ الظروف أنه فنّ المستقبل المأمول لا فنّ الماضي الآفل.
- السينما السورية توثيق الثورة والعودة إلى العالمية
على صعيد السينما أشار الناقد السينمائي نضال قوشحة بأن السينما السورية تعاني من العديد من المعوقات التي تمنع ازدهارها، وهو أمر مرتبط بمرحلةٍ سابقة من حياتها، خاصة سنوات الثورة السورية، التي شهدت حضوراً خجولاً في إنتاجات سينما القطاع الخاص، واستمرت المؤسسة العامة للسينما بإنتاجاتها السينمائية التي انصرف العدد الأكبر منها إلى تقديم حالة إعلامية زائفة عن الواقع، و قدمت حكايات سينمائية مختلقة عن واقعٍ زائف يعيشه الشعب السوري مما وضع السينما السورية في هوة مقاطعة الجمهور لها ، وهذا ما حدث فعلاً .
بعد التحرير تنادى السينمائيون السوريون لبناء فضاءٍ سينمائي جديد يقدمون من خلاله رؤاهم الفنية التي أؤجلت لسنوات، وتوجه بعضهم للسينما الوثائقية وكان الهدف توثيق ما كان في عهد الأسد، فقدموا سينما سجلت حقائق اجتماعية وسياسية صارت ثوابت في المجتمع السوري. وما زال العديد منهم يصوغون أفكاراً وثائقية و روائية ستكون لاحقاً ضمن مشاريع سينمائية .
على صعيد آخر قدم عدد من السينمائيين السوريين والعالميين عدداً من الأفلام التي حاكت الواقع السوري أثناء سنوات الثورة السورية، من خلال تظاهرة نظمتها المؤسسة العامة للسينما حملت عنوان (أفلام الثورة السورية ) وبعض هذه الأفلام حقق حضوراً قوياً على منصات تتويج عالمية.
ونوّه قوشحة بأن المشهد السينمائي السوري حافل بالأحلام و الرغبة بالطموحات الفنية العالية، ولا شك أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة ويجب اقتناص فرص الدعم العالمية أو فرص المشاركة الإنتاجية لكي نحقق للسينما السورية حضورها الذي يليق بها .
- تشكيل والبحث عن رؤية واضحة
ونختم مع الناقد التشكيلي علي الراعي الذي يقول: عمر الحركة التشكيلية السورية هو من عمر سوريا العتيقة، فلا تزال ملامح النحت والعمران والآثار في الأرض السورية القديمة شاهدة على حركة فنية وبصرية لاتمّل تقدم جمالها كل حين مهما مرت على البلاد من محن وكوارث..
لكن ومنذ سنة على استلام الحكّام الجدد مقاليد حكم دمشق أصاب المشهد التشكيلي السوري – كما غيره من المشاهد الثقافية – الإرتباك نظراً للخلفية الإيديولوجية للكثير ممن استلم دفة الثقافة السورية، لاسيما فيما يخص "التجسيد" والتشخيص وفن البورتريه بشكل عام ومنع "الموديل" في كلية الفنون الجميلة، وإعادة المركز الوطني للفنون البصرية إلى كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق .. كما أغلقت الكثير من الصالات التشكيلية، على الأقل لحين من الزمن، كما غابت المعارض الفردية، - وللأسف- غاب الفنانون من الصفوف الثلاثة الأولى عن مشهد الفنون البصرية السورية، رغم توفر بعض العروض الجماعية لاسيما في صالتي عشتار والبيت الأزرق في دمشق.. لكنها لم تسّد الفراغ الذي كان مملوءاً في عشرات الصالات التشكيلية التي كانت تتوفر في العاصمة السورية..
و يضيف الراعي الفن التشكيلي فن ملتبس في العالم العربي فقد بقي نخبوياً طول الوقت ويحتاج للكثير من الهدوء والرؤية الوضحة والمناخ الملائم لتقديم الفنانين التشكيليين أعمالهم الإبداعية في النحت والحفر والتصوير وغيرها من الفنون الجميلة، وربما من هنا كانت دعوة عدد من الفنانين التشكيليين في صالة (زوايا) خلال النصف الأول من سنة ال(2025)، وأصدروا العديد من التوصيات لكن تسارع الأحداث التي تجري في سوريا وخارجها لم ينتبه أحد لتلك التوصيات والمطالب..
ويختم: أخيراً نرجوا لسوريا السلام والإستقرار لتنهض من جديد وعلى الصعد كافة: الفن والثقافة والاقتصاد والأمن للجميع..
المصدر: RT
إقرأ المزيد


