بي بي سي - 12/3/2025 10:42:05 AM - GMT (+3 )
صدر الصورة، Reuters
قد يتبادر إلى الذهن طفل مصاب بمتلازمة داون، أو شخص كفيف يمشي بعصاً بيضاء، أو آخر فقد أحد أطرافه ويستخدم كرسياً متحركاً عند سماع عبارة "أشخاص من ذوي الإعاقة". لكن ما لا يخطر في بال كثيرين هو أن الإعاقة قد تكون جسدية أو عقلية، وقد لا تكون مرئية إطلاقاً.
لهذا، قد يعيش من تعرفهم أو تعمل معهم مع إعاقات لا تظهر للعين ولا تُكتشف بسهولة. وتعرّف منظمة الصحة العالمية الإعاقة على أنها جزء من التجربة الإنسانية. وتقدّر أن نحو 1.3 مليار شخص، أي حوالى 16 في المئة من سكان العالم، يعانون حالياً من إعاقة شديدة، وهو رقم يرتفع مع شيخوخة السكان وتزايد الأمراض المزمنة غير المعدية.
وتشير المنظمة إلى أن الإعاقة حالة تنشأ عن خلل واضح في وظيفة ما مقارنة بالمعيار المعتاد. وقد تكون جسدية أو حسية أو إدراكية أو فكرية، وتشمل أيضاً الاضطرابات النفسية المزمنة وأنواعاً مختلفة من الأمراض الجسدية المزمنة.
تختلف التعريفات القانونية الدقيقة للإعاقة من دولة إلى أخرى، ما يترتب عليه مستويات مختلفة من الحماية القانونية والحقوق التي يحصل عليها الأشخاص ذوو الإعاقة تبعاً للبلد الذي يعيشون فيه.
وتشمل الإعاقة حالات صحية جسدية وعصبية ونمائية مثل الشلل الدماغي، ومتلازمة داون، وخسارة الأطراف، والصمم والبكم، والتوحّد، وداء الصرع، وعسر القراءة. كما تضم أمراضاً تندرج ضمن فئة الاضطرابات العقلية، مثل الاكتئاب المزمن، والفصام، واضطراب الوسواس القهري. وتعترف دول كثيرة أيضاً باضطرابات عقلية مزمنة أخرى بوصفها قد تشكّل إعاقة أو تؤدي إليها، من بينها اضطراب ثنائي القطب، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، واضطراب ما بعد الصدمة، والخرف.
في بريطانيا على سبيل المثال، يعرّف القانون الإعاقة بأنها الحالة الناتجة عن مرض عقلي تدوم آثاره أكثر من 12 شهراً وتعيق النشاطات اليومية للفرد.
ورغم الصعوبات الإضافية التي تفرضها هذه الحالات على الحياة اليومية، فإن عدداً كبيراً من المخترعين والعلماء والفلاسفة والرياضيين والفنانين أثبتوا أن الإعاقة لم تمنعهم من التميز في مجالاتهم، ومنحوا بدورهم ملايين الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة دافعاً للاستمرار وتحقيق نجاح كامل.
فرانكلن روزفلت
صدر الصورة، Getty Images
كان فرانكلين د. روزفلت الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة، وتولّى المنصب لأربع فترات متتالية بين عامي 1933 و1945، في سابقة في تاريخ البلاد. وكان أيضاً أول رئيس يعاني من إعاقة جسدية شديدة.
شخّص روزفلت بشلل الأطفال عام 1921 وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، واضطر بعد إصابته بالشلل في ساقيه إلى استخدام كرسي متحرك وعكازات.
يصنّفه الباحثون ضمن أبرز ثلاثة رؤساء في تاريخ الولايات المتحدة، إلى جانب جورج واشنطن وأبراهام لينكولن.
أبو العلاء المعري
كان الشاعر والمفكر والفيلسوف أبو العلاء المعري من أبرز أعلام الحضارة الإسلامية. ولد وتوفي في معرة النعمان في سوريا الحالية، ويعتقد أنه فقد بصره في سن الرابعة بعد إصابته بالجدري. ومع ذلك تعلم النحو واللغة العربية، وأصبح من كبار الأدباء والشعراء.
اتسمت فلسفته بالنزعة العقلية والاحتكام إلى الفكر النقدي، وانتقد في كتاباته المجتمع وعاداته وتقاليده نقداً واسعاً، ما جعله يخلف إرثاً ثرياً ومثيراً للجدل ما زال يدرس ويناقش حتى اليوم.
يعرف المعري بلقب "رهين المحبسين": عمى عينيه واعتزاله في بيته خلال السنوات الأخيرة من حياته. وينظر إليه أيضاً كأول من دعا إلى الامتناع عن تناول اللحوم ومشتقات الحيوانات في التاريخ الميلادي، ما يجعله وفق هذا الوصف أول "نباتي صرف" (vegan) في العصر الحديث.
توماس إديسون
صدر الصورة، Getty Images
ولد عام 1847 في ولاية أوهايو الأمريكية، ويعتقد أنه فقد سمعه في سن الثانية عشرة.
يبقى سبب فقدان السمع موضع جدل، إذ ترجّح روايات إصابته بحمى قرمزية في طفولته أو التهاب في الأذن أو ضربة على الرأس، أو مزيج من هذه العوامل، ما أدى إلى صمم في إحدى أذنيه وضعف شديد في الأخرى. كان إديسون يعتبر ذلك عاملاً يساعده على التركيز ويبعده عن المشتتات الاجتماعية.
ابتكر إديسون الفونوغراف، أول جهاز قادر على تسجيل الصوت وتشغيله، كما اخترع أول مصباح كهربائي عملي يصلح للاستخدام المنزلي. عمل أيضاً مع مساعديه ويليام ديكسون وشارل براون على تطوير كاميرا السينما "كينيتوسكوب"، وساهم في دفع تطور الأفلام المبكرة، وأنتجت شركته عدداً كبيراً من الأعمال السينمائية.
جيسيكا لونغ
صدر الصورة، Getty Images
هي من أبرز الرياضيات في تاريخ الولايات المتحدة. ولدت عام 1992 في روسيا، وتبنتها عائلة أمريكية بعد أشهر قليلة. أجريت لها عملية بتر ساقيها السفليتين تحت الركبة، عندما كانت تبلغ 18 شهراً، بعدما ولدت بعيب خلقي يُعرف باسم "نقص الطرف الشظوي" (غياب كامل أو جزئي لعظم الشظية) مما أثر على عظام قدميها.
بدأت جيسيكا ممارسة السباحة في حوض سباحة العائلة بعد تركيب أطراف اصطناعية، ثم انضمت إلى فريق سباحة تنافسي في سن العاشرة، حيث أظهرت موهبة استثنائية. أول مشاركة لها في الألعاب البارالمبية كانت في دورة أثينا 2004 حين كانت تبلغ 12 عاماً، وفازت حينها بثلاث ميداليات ذهبية.
حتى عام 2024، شاركت في ست دورات ألعاب بارالمبية، وحصلت على 31 ميدالية، منها 18 ذهبية و8 فضية و5 برونزية، ما يجعلها ثاني أكثر رياضية بارالمبية حصولاً على ميداليات في تاريخ الولايات المتحدة.
ستيفن هوكينغ
صدر الصورة، Getty Images
يعد البريطاني ستيفن هوكينغ من أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون. أصيب في الحادية والعشرين من عمره بمرض التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وهو اضطراب عصبي تنكسي يتفاقم تدريجياً ويؤثر على الخلايا العصبية المسؤولة عن التحكم في العضلات عبر مهاجمة الخلايا في الدماغ والحبل الشوكي.
أفقده المرض تدريجياً القدرة على الحركة والمشي والكلام والتنفس وتناول الطعام، لكنه لم يوقف مسيرته العلمية. استخدم تقنيات مساعدة مكنته من مواصلة عمله، من بينها الكرسي المتحرك، وجهاز توليد الصوت للتواصل، وأجهزة دعم التنفس.
عاش هوكينغ 55 عاماً بعد إصابته بالمرض، وهي فترة تعد استثنائية، إذ يتوفى معظم المصابين بالتصلب الجانبي الضموري عادة خلال ثلاث إلى عشر سنوات. ويرجح الأطباء أن حالته كانت من الأنماط النادرة والبطيئة التطور من المرض.
فريدا كالو
صدر الصورة، Getty Images
تعدّ فريدا كالو من أشهر الرسامات في العالم، واشتهرت بأسلوبها السريالي المتداخل مع عناصر الفن الشعبي المكسيكي.
يرجّح الباحثون أنها ولدت مصابة بعيب خلقي يعرف بالسنسنة المشقوقة، وهو اضطراب يؤثر في نمو العمود الفقري والساقين. كما أصيبت بشلل الأطفال في السادسة من عمرها.
وفي الثامنة عشرة، تعرّضت لحادث حافلة خطير اخترق فيه درابزين فولاذي وركها وتسبب بكسور في عمودها الفقري وحوضها، ما استدعى خضوعها لعمليات جراحية متعددة وبقاءها طويلاً في السرير خلال مراحل مختلفة من حياتها.
خلال فترة التعافي، بدأت كالو الرسم، وركّزت على البورتريه الذاتي الذي عكس تجربتها مع الألم والإعاقة. توفيت عام 1954، ازدادت شهرتها لاحقاً خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، وأصبحت أيقونة نسوية ورمزاً للتراث المكسيكي الأصيل.
أندريا بوتشيلي
صدر الصورة، Getty Images
أصيب بوتشيلي منذ طفولته بالغلوكوما الخلقية. بدأ دراسة البيانو في سن السادسة، وفقد بصره بالكامل في الثانية عشرة بعد نزيف في الدماغ نتيجة حادث أثناء لعبه كرة القدم.
التحق لاحقاً بجامعة بيزا حيث درس القانون، وكان يغني في الحانات لتمويل دراسته. وبعد تخرجه، مارس المحاماة لمدة عام قبل أن يقرر التفرغ للموسيقى.
برز بوتشيلي عام 1994، واشتهر بمزيجه المميز بين الأوبرا والبوب، وشارك في أعمال مع فنانين عالميين مثل سيلين ديون وكريستينا أغيليرا ودوا ليبا والمغنية الكولومبية كارول جي. وقد ساعدته هذه التعاونات، إضافة إلى صوته وشخصيته الفريدة، في أن يصبح أشهر مغنٍّ كفيف في العالم.
باع بوتشيلي نحو 90 مليون تسجيل حول العالم، وتجاوزت أعماله 20 مليار استماع، ليصبح واحداً من أكثر الموسيقيين مبيعاً في التاريخ.
إقرأ المزيد


