في "المدرسة العربية المهجورة".. حينما نفذت إسرائيل أول حكم بالإعدام
روسيا اليوم -

الكنيست الإسرائيلي كان صادق على هذا المشروع في القراءة الأولى مؤخرا. فما وضع هذه العقوبة في الوقت الحالي؟ وعلى من طُبّقت في السابق؟

ورثت إسرائيل عقوبة الإعدام من قانون الانتداب البريطاني، وفي تاريخها طُبق حكم الإعدام مرتين فقط.

أشهر حكم إعدام كان ترتيبه الثاني، وصدر بحق أدولف أيخمان، أحد مهندسي الهولوكوست. حيث أُدين بجميع التهم الموجهة إليه، وحُكم عليه بالإعدام في 15 ديسمبر 1961.

تقدَّم النازي السابق باستئناف للحكم أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، إلا أنها أقرَّت الحكم، كما رفض الرئيس الإسرائيلي آنذاك، إسحاق بن تسفي، طلب المحكوم تخفيف العقوبة. بعد ذلك، أُعدم أيخمان شنقا في 1 يونيو 1962 في سجن الرملة.

أدولف أيخمان

أما حكم الإعدام الأول، وهو أقل شهرة لكنه كان مثيرا للجدل، فقد صدر في 30 يونيو 1948، ضد ضابط إسرائيلي برتبة رائد، ونُفذ فيه الحكم رميا بالرصاص في نفس اليوم.

المعدوم هو مئير توبيانسكي، وكان ضابطًا برتبة رائد في الجيش الإسرائيلي. أُدين توبيانسكي بتهمة الخيانة من قبل "ترويكا" من القضاة، ثم تبيَّن لاحقًا "أنه أُدين بتهم باطلة"، وأصبحت قضيته أقوى حجة في إسرائيل ضد تطبيق عقوبة الإعدام.

قصة مئير توبيانسكي:

تخرَّج توبيانسكي من مدرسة شرطة القدس وانضم إلى شرطة حيفا. خلال أعمال الشغب في شارع الناصرة في حيفا عام 1929، اعتقلته شرطة الانتداب البريطاني بتهمة قتل عربي، إلا أن المحكمة البريطانية ما لبثت أن برَّأته، مؤكدة أنه لم يتجاوز حدود الدفاع الشرعي عن النفس. بعدها غادر توبيانسكي حيفا خوفًا من انتقام أقارب الرجل المقتول.

خلال الحرب العالمية الثانية، خدم توبيانسكي في سلاح الهندسة في الجيش البريطاني، وأنهى الحرب برتبة رائد. لاحقًا، في عام 1947، بدأ العمل مهندسا في شركة القدس للكهرباء، ولكن الحرب العربية الإسرائيلية سرعان ما اندلعت، فانضم توبيانسكي إلى منظمة "الهاغاناه"، وخدم فيها في البداية مهندسا، ثم تولى قيادة قاعدة شنيلر العسكرية، وأصبح مسؤولا عن ثلاثة مطارات إسرائيلية.

أدَّى مئير توبيانسكي مع جنود وضباط مفرزته اليمين الدستورية للجيش الإسرائيلي المشكل حديثا في 29 يونيو 1948. وفي اليوم التالي، غادر إلى تل أبيب.

كان جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، يُرأَس في ذلك الوقت من قبل إيسر بئيري، المعروف أيضا باسم "إيسر الكبير".

إيسر بئيري

في أحد الأيام، تلقى بئيري معلومات تفيد بأن أحد كبار المسؤولين في الشرطة البريطانية حصل على رسم تخطيطي لمنشآت شركة كهرباء القدس. في ذلك الوقت، كانت هناك شبكتان للكهرباء في القدس، واحدة عسكرية وأخرى مدنية. كما سرت شائعات عن وجود مخططات أخرى بحوزة البريطانيين عن  الوُرش السرية لتصنيع الأسلحة والذخيرة المقامة في القدس.

على الرغم من عدم تأكيد هذه الشائعات، إلا أن بئيري أمر بإجراء تحقيق عاجل لمعرفة من نقل المعلومات السرية إلى البريطانيين. بعد تحقيق سريع، دارت الشكوك حول توبيانسكي.

بينما كان توبيانسكي يتجول في سوق الكرمل في تل أبيب في 30 يونيو 1948، اقترب منه ضابط أرسله بئيري وأبلغه باستدعائه لحضور اجتماع على وجه السرعة. عندما دخل توبيانسكي إلى مكتب في مبنى الاستخبارات العسكرية، لم يجد نفسه في اجتماع، بل وجد قيد الاستجواب. تم استجوابه من قبل ثلاثة ضباط بمن فيهم رئيس الجهاز بئيري نفسه.

طُلِب من توبيانسكي الاعتراف بأنه سلَّم مخططا إلى البريطانيين. وقيل إنه أعطى إجابة إيجابية، لكنه كان يقصد مخططا آخر مختلفا عما يتحدث عنه المحققون. بعد ذلك، أُبلغ بأنه متهم بالتجسس وسيمثل أمام محكمة عسكرية في نفس اليوم. ثم تم اقتياده خارج المبنى ونُقل بسيارة إلى القدس.

مئير توبيانسكي

عُقِدت المحكمة العسكرية في مبنى مدرسة سابقة بين قريتي بيت سوسين وبيت جيز العربيتين المهجورتين. وحَكَم على توبيانسكي ثلاثة قضاة "ترويكا"، وكان هؤلاء القضاة هم أنفسهم من استجوبوه في تل أبيب، باستثناء إيسر بئيري.

أصدرت هذه المحكمة قرارها على الفور، على الرغم من أن مذكرة التوقيف الصادرة عن مكتب المدعي العام العسكري نصت فقط على ضرورة احتجاز المشتبه به لمدة عشرة أيام للاستجواب. أُدين توبيانسكي بنقل معلومات سرية إلى رئيسه البريطاني في شركة كهرباء القدس، مايكل براينت.

قبل إعدامه، طلب توبيانسكي أن يُسمَح له بكتابة رسالتي وداع لزوجته ورئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون، الذي كان يعرفه، إلا أن طلبه رُفِض.

تم إعدام توبيانسكي رميا بالرصاص في نفس المكان الذي حوكم فيه، أي المدرسة "العربية المهجورة". نفذ حكم الإعدام ستة جنود، فيما استغرقت العملية بأكملها، من لحظة الاعتقال إلى إطلاق النار، 3 ساعات و45 دقيقة فقط.

بعد جهود كبيرة من أرملته، أُعيد فتح القضية وبرئ توبيانسكي في عام 1949. وأُعيد دفن جثمانه على جبل هرتزل بكل المراسم العسكرية المستحقة، ومنحت عائلته معاشا تقاعديا عسكريا بعد أن سُجل موته على أنه "وفاة عائل أثناء أداء الواجب".

المصدر: RT

إقرأ المزيد


إقرأ المزيد