روسيا اليوم - 11/23/2025 3:13:13 AM - GMT (+3 )
ويرى باردا في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن ترامب "يسعى لصناعة لحظة إقليمية كبرى يعرض فيها نفسه كصانع سلام يعيد أبناء إبراهيم إلى مسار واحد بعد آلاف السنين"، متابعا: "فترامب، الساعي لحصد مكاسب انتخابية في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، ولاستعادة وهج جائزة نوبل للسلام التي لم يحصل عليها هذا العام، يقدم نفسه باعتباره الرجل الوحيد القادر على صياغة اتفاق تاريخي يعيد ترتيب الشرق الأوسط".
ويضيف الباحث الإسرائيلي أنه "في خلفية هذا الطموح، يستدعي ترامب رمزية تاريخية تعود إلى غزوة خيبر عام 630م، حيث تم انهاء الوجود اليهودي في الجزيرة العربية، ليقدم نفسه اليوم كشخص يغلق الدائرة ويعيد دمج إسرائيل والعالم الإسلامي ضمن إطار إقليمي واحد، ينتهي بلقطة توقيع في البيت الأبيض، حيث يرى ترامب أن الصورة أهم من الاتفاق ذاته".
ويتابع: "لكن هذه الرؤية تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام معضلة سياسية حادة، فترامب يريد إنجازا قبل نهاية 2026، ويرى في إسرائيل جزءا من هيكل عالمي جديد يعمل على بنائه حتى 2027، لكن بشروط واضحة. وأبرز هذه الشروط يتمثل في خطوة إسرائيلية نحو دولة فلسطينية، أو على الأقل عملية سياسية تسوق للعالم بهذا الشكل. وهي خطوة قد تعني تفكيك الائتلاف الحاكم، والدفع نحو انتخابات مبكرة، وتحولات داخلية عميقة".
وبالنسبة لـ "باردا"، فإن "نتنياهو يدرك أن اللحظة قد تمنحه موقعا للتوقيع على اتفاق يقلب معادلات المنطقة، لكنه يعلم أيضا أن الثمن السياسي الداخلي سيكون قاسيا. وعليه، تقف إسرائيل اليوم عند خط صدع سياسي: إما أن يدفع نتنياهو الثمن ويقود إسرائيل نحو الاندماج في المشروع الإقليمي الجديد الذي يرسمه ترامب، أو أن حكومة أخرى في مرحلة لاحقة ستكون صاحبة التوقيع، بينما تظل إسرائيل جزءا من هذا الهيكل العالمي ولكن من مواقع أقل تأثيرا".
حديث الباحث الدكتور كوبي باردا في المقال جاء في سياق تسليطه الضوء على التعاون المتصاعد بين ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والذي "أخذ بعدا استراتيجيا يتجاوز الاتفاقات التقليدية حول الدفاع والطاقة والسلاح"، بحسب قوله.
واعتبر أنه "خلف كل الضجيج حول التحالف الدفاعي والبرنامج النووي المدني وصفقة الـF-35، تكمن القصة الحقيقية: تحالف يقوم على الذكاء الاصطناعي كمحور لإعادة رسم العلاقات الدولية".
ووفقا له، فإن "ترامب الذي يعمل على مشروع يمتد حتى عام 2027، عام التحول العالمي الحاسم في سباق الذكاء الاصطناعي، يسعى لبناء سلسلة توريد مستقلة عن الصين تبدأ من التعدين وتنتهي بالطاقة الفائقة التي تتطلبها مراكز البيانات. وفي هذا السياق، تبدو السعودية شريكا لا غنى عنه، بما تمتلكه من قدرة على سد فجوات الطاقة الضخمة، ورغبة واضحة لدى محمد بن سلمان بتحويل المملكة إلى قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي، لا مجرد مصدر تقليدي للنفط والغاز".
ورأى باردا أن "هذا التحالف الأمريكي–السعودي يعيد رسم الخريطة الاستراتيجية للمنطقة، خاصة أن رؤية محمد بن سلمان تنسجم مع هدف ترامب في بناء ممر اقتصادي–تكنولوجي ينافس الصين، ويمتد من الهند إلى أوروبا مرورا بالشرق الأوسط. وفي قلب هذه الهندسة الجديدة، تبرز أهمية إسرائيل، رغم غيابها الرسمي عن الاتفاق، بفضل بنيتها التكنولوجية وقدراتها الأمنية وموقعها الجغرافي الذي يُحوّلها إلى جسر يربط الممر الناشئ بالمتوسط. وهكذا، يصبح مخطط ترامب–ابن سلمان ليس مجرد صفقة سياسية، بل مشروعا لإعادة تشكيل البنية التكنولوجية والطاقة والاتصال في العالم، تدخل إسرائيل فيه كحلقة استقرار لا يمكن تجاوزها في المعادلة الجديدة"، بحسب قوله.
المصدر: "يديعوت أحرونوت"
إقرأ المزيد


