إيلاف - 11/20/2025 2:56:40 AM - GMT (+3 )
محمد خلفان الصوافي
مشهد غير مسبوق سياسياً أن يتباهى مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر عطا، ويعلن أمام الرأي العام العالمي عن تمسكه بالحرب كونها حلاً لإنهاء الصراع المستمر في السودان.
المشهد بهذا التصلب ومن دون مبالغة سيكون مختلفاً عن السنوات الثلاث الماضية، التي مرت بها هذه الحرب الأهلية، فكما يبدو أن الطرفين شبه متماثلين في القوة التسليحية، ستكون الحرب سجالاً بينهما.
إن الإصرار على الحرب وعلى الحل العسكري، مع السخرية من اقتراح الرباعية يقدم العديد من الدلائل على المستوى الإنساني والأخلاقي للجيش السوداني وليس ياسر عطا وحده، بأن هذا الجيش يتحدى المجتمع الدولي وليس الرباعية فقط، ويبرز صورة لمجموعة من القادة المتشددين لا يمتون لهذا العصر بصلة، فكل الحروب تعالج بالحوار والتفاوض.
أمضى السودان أغلب تاريخه في عدم الاستقرار، وفي انعدام الهدوء السياسي، وكلها لأسباب داخلية، وليس نتيجة لعوامل خارجية كما هي معاناة أغلب دول العالم، حيث تتعلق تلك الأسباب بالتنافس بين قادته السياسيين، ولتقديم الحلول العسكرية، التي لا تعالج المشكلة من أساسها كما تفعل الحلول السياسية.
نسي ياسر عطا، مساعد القائد العام للجيش السوداني، وهو يرفض الهدنة الإنسانية أن الهدنة التي تنادي بها الرباعية تتعلق بالسودان وشعبه، وليس بدولة جارة أو عدو خارجي، لهذا الأمر بدت الصورة الطبيعية مختلفة بل ومقلوبة في هذا الموقف من قائد عسكري وسياسي يفترض أن يدرك معنى استمرار الحرب، وبالأخص الحرب الأهلية، وفي السودان تحديداً.
هذا الرفض يسهل على المراقبين عملية الفهم لمن هو الطرف الراغب في استمرار الحرب ولو نظرياً على الأقل، وبالتالي يعطي المجال للمجتمع الدولي أو للجنة الرباعية في شأن تصعيد لهجته ضد الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وياسر عطا، اللذين لديهما حساباتهما الشخصية في استمرار الحرب.
موقف الجيش السوداني لا يساعد على الخروج من الأزمة بل يعمقها، ويجعلها بلا أفق، لأن الحلول العسكرية وقتها قصير، وإن نجح طرف في السيطرة فسيكون النجاح مؤقتاً، ومثل هذا الموقف المصر على استمرار الحرب يعني انزلاق السودان إلى فصل جديد من الضياع.
يكمن الحل لكل الصراعات في التحاور السياسي بين الطرفين، وهذا ما تدعو إليه دولة الإمارات، وتصّر عليه رغم كل الانتقادات والمزاعم التي توجه لها، ولكن الشجاعة السياسية تتطلب الوضوح في أحلك المواقف، لأن التاريخ سيكون شاهداً على العصر.
إقرأ المزيد


