إيلاف - 11/14/2025 10:44:10 AM - GMT (+3 )
لا يعطي العرب أهمية للانتخابات البرلمانية. فهي ليست في حساباتهم وتقاليدهم. وقد اختاروا بديلاً لها الحزب الواحد والزعيم الأوحد، وأمانة الشعب. وإذا ما جرت انتخابات، أو استفتاء ما، فمن باب رفع العتب، والصيام في رجب. غير أن الانتخابات الأخيرة في العراق، حملت الكثير من الأصول والأعراف المعمول بها في بلاد الآخرين.
تذكرت حدثاً ورجلاً لا يُنسى. كان اسمه عبد الرحمن عارف، لواء في الجيش العراقي، وشقيق الرئيس عبد السلام عارف. قُتل الرئيس في طائرة الهليكوبتر المخصصة للنهايات الغامضة، وحل محله اللواء عبد الرحمن. حكم لفترة قصيرة ما بين 1966 و1968. وعندما اقتحمت مجموعة من الضباط القصر لانتزاع السلطة، قال لهم: «الهدوء يا شباب. خذوها كما هي، وليس لي سوى طلب واحد: سلامة ابني الضابط في الجيش».
كانت أمامه صور الجثث التي تركها عبد الكريم قاسم في القصور الملكية، ثم صورة جثة قاسم نفسه، مثقوبة بالرصاص، كما تركها رفيقه عبد السلام عارف.
قال الرئيس للضباط الهاجمين مزودين بالسلاح والشتائم: هدوءاً أيها الرفاق. هيّئوا لي طائرة تأخذني مع العائلة إلى تركيا، وشيئاً من مصاريف الإقامة كرئيس سابق، والله يوفقكم. ذهب إلى منزل متواضع في إسطنبول، وبعدها إلى عمان، ومن ثم «أذن له الرئيس صدام» بالعودة إلى العراق، حيث تُوفي عام 2007 عن 91 عاماً.
لم يكن ذلك أهم عمل للواء عارف. أهم عمل كان يوم أعلن بعد الرئاسة تشكيل «المجلس الرئاسي الاستشاري» لكي يشرك في السلطة بعض القوى التمثيلية. ربما هذا ما أرعب ضباط «البعث» أكثر من أي شيء آخر: رئيس منفتح على الآخرين، وضعيف، لا وحيداً ولا أوحد، ولا شبيحتك إلى الأبد.
طيبة الأخبار الآتية من بلاد المنّ والسلوى هذه الأيام: الشعب العراقي ينتخب وليس يحتشد. يدخل إلى البرلمان وليس يزحف عليه. يراجع القوانين ويعمل ببنودها.
كان هناك دائماً خيار أمام طلبة السلطة: إما عبد السلام عارف، أو شقيقه عبد الرحمن. إما الانتصار الأبشع من الهزيمة أو الهزيمة الأجمل من الانتصار.
كان الملك إدريس السنوسي في إسطنبول عندما استولى الضابط معمر القذافي على الحكم. وهكذا عاد من إسطنبول إلى مصر ليمضي بقية حياته، ولم «يؤذن» له بالعودة إلى المملكة التي أسّسها. يومها أعاد إلى الدولة الليبية من مصر سيارتَي «مرسيدس» كانت الدولة قد وضعتهما في تصرفه. العرب أخلاق...
إقرأ المزيد


