إيلاف - 9/18/2025 1:44:04 AM - GMT (+3 )

عبدالعزيز الكندري
ما يحدث في غزة يفوق أي وصف... قتل وتهجير وهدم البيوت والمستشفيات والمساجد، وهذا يبين بوضوح الوجه القبيح والحقيقي للكيان الصهيوني...
وغزة تختبر ضمير العالم، وتقول له: ثمة جوع يفتك بالأجساد كما تفعل القنابل... وثمة موت صامت لا يُرى دخانه، لكنه يحرق الأمعاء والأرواح معاً.
في غزة «مجاعة مُصطنعة»، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يفرضها حصار خانق وقصف لا ينقطع، انهارت المنظومة الحياتية بأكملها، وأصبح الأطفال، قبل الكبار، وجوهاً شاحبة في مشهد يُدمي القلوب ويعري الضمائر.
وفي ظل وحشية الكيان والعربدة الصهيونية، حظيت قطر بدعم غير محدود في مواجهة العدوان الغاشم على أراضيها، مع تأكيد جميع قادة الدول العربية والإسلامية...
وخلال افتتاح القمّة العربية-الإسلامية الطارئة المنعقدة في الدوحة، اتهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، إسرائيل بأنها قصدت إفشال المفاوضات حول الحرب في قطاع غزة باستهدافها قادة «حماس» في بلاده الأسبوع الماضي.
وقال أمير قطر في إشارة إلى إسرائيل «من يعمل على نحو مثابر ومنهجي لاغتيال الطرف الذي يفاوضه، يقصد إفشال المفاوضات».
وأكد المجتمعون أن «هذا العدوان على الأراضي القطرية -وهي دولة تعمل كوسيط رئيسي في الجهود المبذولة لتأمين وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى- يمثّل تصعيداً خطيراً واعتداء على الجهود الدبلوماسية لاستعادة السلام».
وأضاف البيان أن «مثل هذا العدوان على مكان محايد للوساطة لا ينتهك سيادة قطر فحسب، بل يقوّض أيضاً عمليات الوساطة وصنع السلام الدولية، وتتحمّل إسرائيل التبعات الكاملة لهذا الاعتداء».
وتابع أن «غياب المساءلة الدولية، وصمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، شجّعا إسرائيل على التمادي في اعتداءاتها وإمعانها في انتهاكها الصارخ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، والذي يكرّس سياسة الإفلات من العقاب ويضعف منظومة العدالة الدولية، ويهدد بالقضاء على النظام العالمي المبنيّ على القواعد، بما يشكّل تهديداً مباشراً للأمن والسلم الإقليميين والدوليين».
إن الاعتداء على قطر من قبل الكيان الصهوني يتجاوز «حماس» وغزة ليطول المنطقة برمتها، خصوصاً إذا استمرت بربرية نتنياهو وحكومته، وهي تتصرف هذه الأيام وكأنها في زمن القبائل الهمجية وليس الدولة المدنية الحديثة، وقد تمتد آثار الصراع إلى دول مجاورة، مثل مصر والأردن ودول الخليج عامة.
والغريب في استهداف الدوحة والتي تمثل «عاصمة الوساطة» في الشرق الأوسط، أن الكيان الصهوني لا يريد نجاح الوساطة ولا يريد السلام وأكبر دليل استهداف المفاوضين، إذ من الواضح أن الحكومة الصهيونية لا تفكر إلا في نفسها ولا يهمها عودة الأسرى.
على مدى سنوات، جددت قطر التزامها بالوساطة والحوار لتسوية الخلافات والنزاعات بالطرق السلمية وقد نجحت في ذلك في الكثير من الملفات وأصبح ذلك إرثاً لدى الدوحة، ويؤكد ذلك، السياسة الراسخة التي انتهجتها الدولةُ في عَلاقاتها مع الدول ومنهجها في حل الأزمات حول العالم، حيث تحرصُ قطر على حفظ السلم والأمن الاجتماعي وحل المُنازعات سلمياً عبر القنوات الدبلوماسية واستبعاد الخِيارات العسكريّة...
الوساطة أصبحت خِياراً إستراتيجياً وقوة ناعمةً لدولة قطر، وتعتبر ركيزةً من ركائزها الخارجيّة، وهي مُستعدة دائماً للعمل مع الجميع بما يُحقق أمن واستقرار المنطقة من خلال الوساطة والمساعي التي تقودها وقد نجحت في الكثير منها، وبما يُعزّز فرص السلام ويُحقق تطلعات الشعوب نحو الأمن والتنمية.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إن قطر هي الدولة الوحيدة القادرة على التوسط بشأن غزة، رغم الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قادة من حماس في الدوحة قبل أسبوع.
وصرّح روبيو لصحافيين أثناء توجهه إلى الدوحة «من الواضح أن عليهم تقرير ما إذا كانوا يريدون القيام بذلك بعد ما حصل الأسبوع الماضي أم لا، لكننا نريد منهم أن يعلموا أنه إذا كانت هناك دولة في العالم يمكنها المساعدة في إنهاء هذا عبر مفاوضات... فهي قطر».
إقرأ المزيد