الوطن نيوز - 11/30/2025 5:56:12 PM - GMT (+3 )
تأتي استضافة البحرين لأعمال القمة الخليجية السادسة والأربعين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في 3 ديسمبر الجاري، تأكيدًا على مكانة المملكة ودورها الريادي في دعم منظومة العمل الخليجي المشترك، وتقديراً للجهود التي تبذلها مملكة البحرين، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والتي تدعم وتساند التضامن والتكامل الخليجي باعتباره خياراً استراتيجياً لحاضر ومستقبل الدول والشعوب الخليجية، وتعبيراً أصيلاً عما يربط بين هذه الشعوب من وشائج قربى وصلات متجذرة، فضلاً عن الإيمان بوحدة الهدف والمصير المشترك.
وتعكس استضافة البحرين للقمة الخليجية، وهي المرة الثامنة التي تستضيف فيها أعمال القمم الخليجية، التزام المملكة بثوابت سياستها الداعمة والمساندة لمسيرة التعاون الخليجي المشترك، والتي يحرص جلالة الملك المعظم على رعايتها، انطلاقًا من إيمان جلالته بضرورة تعزيز منظومة العمل الخليجي المشترك لتحقيق أهدافها السامية نحو المزيد من الترابط والتعاون والتنسيق والتكامل بين دول المجلس، وتلبية تطلعات شعوبها في التنمية والتطور والازدهار، بما يخدم ويرسخ دعائم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي العديد من المواقف، شدد جلالة الملك المعظم على أن وحدة الصف لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتنسيق المشترك والمتواصل هو صمام الأمان وركيزة الاستقرار، مؤكداً أن ما يجمع مملكة البحرين ودول المجلس يرتكز على روابط الأخوة والدم، وأن المملكة تشارك أخواتها من دول المجلس مساعي التضامن والتكاتف في الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة، وتشاطرها جهودها الدائمة لتحقيق السلم والأمن والاستقرار لصالح دول المنطقة وشعوبها.
ولقد حرصت البحرين منذ الانطلاقة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في العام 1981 على تعزيز أواصر التعاون مع الأشقاء في دول المجلس، إيمانًا بأن المصير واحد والتحديات مشتركة، وشكلت تلك الرؤية جانباً مهماً في ثوابت السياسة الخارجية للمملكة، حيث حرصت البحرين، ولا تزال، على الالتزام بمبادئ وأهداف النظام الأساسي لمجلس التعاون، وفي مقدمتها تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولًا إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها.
ومنذ بداية العمل الخليجي المشترك احتضنت مملكة البحرين 7 قمم خليجية شكلت جميعها محطات فارقة في مسيرة مجلس التعاون، وأسهمت في دفع عجلة العمل المشترك إلى آفاق أكثر ازدهاراً ونماءً، وهي:
«قمة 1982».. جهود بحرينية لدعم «التعاون»بدأت مسيرة البحرين مع استضافة القمم الخليجية في العام 1982، وذلك بعد عام واحد فقط من تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث استضافت العاصمة المنامة أعمال الدورة الثالثة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الفترة من 9 إلى 11 نوفمبر 1982، وهي القمة التي شكلت إطارًا مهمًا في ترسيخ لبنات مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وشهدت القمة استعراضًا للروابط السياسية والاقتصادية بين الدول الأعضاء، وناقش أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، حفظهم الله ورعاهم، خلالها الوضع السياسي والأمني في منطقة الخليج في تلك الفترة، وبحثوا ما تم إنجازه من وضع القواعد وإرساء البنية الأساسية للعمل الخليجي الجماعي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
كما أن القمة تدارست التطورات التي تمت بشأن تنفيذ بنود الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي وقعت في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة في 11 نوفمبر 1981.
«قمة 1988».. خطوات لتحقيق طموحات مواطني دول المجلسوللمرة الثانية، كانت البحرين على موعد مع قيادة العمل الخليجي المشترك من خلال استضافتها للدورة التاسعة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الفترة من 19 إلى 22 ديسمبر 1988، والتي واصلت دراسة الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة، وأوجه التقدم في العمل المشترك انطلاقًا من الإيمان بوحدة المصير والهدف.
كما جرى خلالها اتخاذ العديد من القرارات الاقتصادية التي تحقق المزيد من الترابط بين مواطني دول المجلس، ومن أبرزها السماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم شركات المساهمة المشتركة والجديدة العاملة في الأنشطة الاقتصادية، ومساواة مواطني دول المجلس في المعاملة الضريبية مع مواطني الدولة العضو التي يتم فيها الاستثمار، ونظام تشجيع وتنسيق وإقامة المشاريع الصناعية بدول المجلس، ونظام حماية الصناعات الوطنية الناشئة، وخطة الطوارئ الإقليمية للمنتجات البترولية بين دول المجلس، ومعاملة مواطني دول المجلس معاملة مواطني الدولة العضو التي يقيمون فيها في مجال الخدمات الصحية.
«قمة 1994».. قرارات لدفع مسيرة التعاوناستضافت البحرين أعمال الدورة الخامسة عشرة للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الفترة من 19 إلى 21 ديسمبر 1994، حيث جرى استعراض الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في منطقة الخليج والتطورات الإقليمية والدولية في ذلك الوقت، إلى جانب سبل دعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتذليل العقبات التي تعترضها، وتبنى المجلس الأعلى خلالها خطوات لبناء القوة الدفاعية الذاتية في ظل استراتيجية موحدة تضع في خدمة الأمن الخليجي كل القدرات المتوفرة، كما قرر تطوير قوة درع الجزيرة لتصبح قادرة على التحرك الفعال السريع.
وناقش المجلس الأعلى خلال هذه القمة، استكمال الإجراءات اللازمة لتوحيد أنظمة الشركات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أجل تسهيل إقامة الاستثمارات المشتركة، وتطوير ورفع أداء البنوك الخليجية، ووجه وزراء المالية والاقتصاد في الدول الأعضاء بالإسراع في الاتفاق على تعريفة جمركية موحدة وتطبيقها لتسريع خطوات التكامل بين دول المجلس.
«قمة 2000».. إنجاز اتفاقية الدفاعاستضافت البحرين في 30 و31 ديسمبر 2000 الدورة الحادية والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي بحثت حصيلة العمل المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية والثقافية والإعلامية، وجهود دفع مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية.
وقد شهدت هذه القمة، حدثًا بارزًا بإقرار المجلس الأعلى اتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس، وكذلك اعتمد المجلس خلالها «الاستراتيجية طويلة المدى لعلاقات ومفاوضات دول المجلس مع الدول والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية»، وغيرها من القرارات المهمة.
«قمة 2004».. قمة توحيد السياسات الاقتصاديةفي العام 2004، كانت البحرين على موعد آخر في مسيرة العمل الخليجي المشترك، حيث استضافت الدورة الخامسة والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الفترة من 20 إلى 21 ديسمبر، وهي القمة التي حملت اسم «قمة زايد» لتزامن انعقادها مع وفاة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، حيث جاءت تسمية القمة بمبادرة وفاء وتقدير من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.
وشهدت القمة، وبهدف تكامل وتوحيد الأنظمة والسياسات الاقتصادية لدول المجلس، إقرار عدد من القوانين الموحدة في المجالين الزراعي والصناعي، من بينها قانون التنظيم الصناعي الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي من أهم أهدافه تشجيع وتنمية المشاريع الصناعية، وزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي، وتوسيع قاعدة الترابط الاقتصادي في دول المجلس.
واستعرض المجلس الأعلى خلالها ما يشهده العالم من أعمال إرهابية خطيرة إقليميًا ودوليًا، مجددًا إدانته ونبذه للإرهاب بكافة أنواعه وأينما كان، وأيًا كانت مصادره أو دوافعه ومبرراته، مؤكدًا على ثوابت مواقف دول المجلس الواضحة لمحاربة ظاهرة الإرهاب ومكافحتها، وقطع مصادر تمويلها بكافة الوسائل المتاحة، ومعالجة أسبابها ودوافعها محليًا وإقليميًا ودوليًا، مع الدعوة لضرورة التمييز بين الإرهاب وبين الحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال ووفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
«قمة 2012».. دعم مساعي التعاون المشتركاستضافت البحرين الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يومي 24 و25 ديسمبر 2012، والتي شكلت استمرارًا لجهود المجلس في دعم مسيرة العمل المشترك، وتعزيز دوره في قضايا الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، إلى جانب الاهتمام بمجالات التعاون الاقتصادي والعسكري.
ومن أبرز مخرجات هذه القمة، توجيه المجلس الأعلى للجان المعنية بسرعة تنفيذ ما ورد في الاتفاقية الاقتصادية بخصوص توحيد السياسات المالية والنقدية، وتكامل البنية الأساسية وتعزيز القدرات الإنتاجية بما يضمن إتاحة الفرص الوظيفية للمواطنين، وبإجراء دراسة شاملة للتعرف على البرامج المنفذة في مختلف الأنشطة الشبابية في دول المجلس، وقضايا الأسرة والطفولة، وكذلك مصادقة المجلس الأعلى على قرارات مجلس الدفاع المشترك، ومباركته إنشاء قيادة عسكرية موحدة تقوم بالتنسيق والتخطيط والقيادة للقوات البرية والبحرية والجوية المخصصة والإضافية، كما أقر المجلس الاتفاقية الأمنية لدول المجلس بصيغتها المعدلة، والتي وقعها أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في اجتماعهم الحادي والثلاثين بتاريخ 13 نوفمبر 2012.
«قمة 2016».. تحصين دول المجلس من الأخطاراستضافت البحرين الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الفترة من 6 إلى 7 ديسمبر 2016، والتي شهدت، بحسب ما جاء في ديباجة «إعلان الصخير» الصادر في ختام أعمال القمة، تجديد التأكيد على عزم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتصميمها على تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك وتوحيد المواقف بينها، والسير باتجاه تحصين دول المجلس من الأخطار المحدقة بالمنطقة، والمحاولات الرامية إلى المساس بسيادتها واستقلالها عبر التدخلات الخارجية المتكررة في شؤونها الداخلية.
وأعادت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال هذه القمة، التأكيد على حرصها على تطوير التعاون في الشؤون الاقتصادية والتنموية وتنفيذ القرارات والاتفاقيات المتعلقة بها، وتسريع وتيرة العمل لإنجاز السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والربط المائي، إلى جانب التأكيد على أهمية دعم وتطوير دور الشباب في تفعيل البرامج والأنشطة والفعاليات التي تسهم في تعميق الترابط والتكامل، وترسخ الهوية الخليجية، وتعزز قيم التسامح والاعتدال والتعايش القائمة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فضلًا عن تنمية العمل الخليجي المشترك بما يحفظ لدول وشعوب مجلس التعاون مكتسباتها، ومضاعفة إنجازاتها، ويرسي أسس الأمن والسلم في المنطقة والعالم، ويرسخ التعاون البناء على المستويين الإقليمي والدولي، ويدفع بقوة نحو تحقيق آمال شعوبها في الرخاء والازدهار.
كما استضافت البحرين بالتزامن مع الدورة السابعة والثلاثين قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع دولة تيريزا ماي رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة السابقة، بهدف تأكيد وتوطيد الشراكة القوية والتعاون بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة. واتفق خلالها القادة على إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة لتعزيز علاقات أوثق في كافة المجالات، بما في ذلك السياسية والدفاعية والأمنية والتجارية، وكذلك تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية، ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية لتحقيق مصالحهما المشتركة في الاستقرار والازدهار.
ومن هذا المنطلق، فإن للقمة الخليجية السادسة والأربعين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تستضيفها البحرين أهمية كبيرة من حيث التوقيت، لا سيما في ظل الأوضاع الراهنة، وتزايد حدة التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة، وهو ما يتطلب التنسيق المشترك للتعامل مع هذه التداعيات للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، والدفع بجهود إحلال السلام العادل الشامل في المنطقة، إلى جانب بحث ومناقشة الأوضاع الاقتصادية وتحقيق المزيد من المنجزات التنموية والوحدة الاقتصادية الخليجية الكاملة، وتعزيز الشراكات الاقتصادية مع الدول الصديقة والتكتلات الاقتصادية الدولية.
إقرأ المزيد


