نتانياهو يرفض "الاستسلام" بوقف لإطلاق النار
البلاد برس -
رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الإثنين وقف إطلاق النار في الحرب ضد حماس لأنّه سيكون بمثابة "استسلام" للدولة العبرية أمام الحركة الفلسطينية، بينما تحتدم المعارك على الأرض داخل قطاع غزة. وفي اليوم الـ24 للحرب التي أودت بحياة آلاف القتلى، أكد نتانياهو تحقيق "تقدم منتظم"، فيما يستمر القصف الإسرائيلي من دون هوادة على القطاع المحاصر، بعدما وسّعت إسرائيل عملياتها البرية داخله وأكدت أنها تمكنت من تحرير جندية كانت محتجزة لدى حماس. ورفض نتانياهو بشكل قاطع الإثنين الدعوات المتزايدة لوقف النار في ظل تصاعد حدّة الأزمة الانسانية في القطاع. وقال في مؤتمر صحافي في تل أبيب إنّ "الدعوات لوقف إطلاق النار هي دعوات لإسرائيل للاستسلام في مواجهة حماس. هذا لن يحصل"، داعياً المجتمع الدولي للانضمام الى الدولة العبرية بطلب "تحرير فوري وغير مشروط" للرهائن الذين تحتجزهم الحركة منذ هجومها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وفي واشنطن، أكّد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي في البيت الأبيض الإثنين أنّ الولايات المتحدة لا تؤيد الدعوات التي تطلق حالياً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، مشدّدا على وجوب الاستعاضة عنها بـ"توقفات مؤقتة" للأعمال الحربية لإتاحة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأضاف نتانياهو في مقطع فيديو وزّعه مكتبه أنّ "الجيش قام بتوسيع نطاق دخوله البري إلى قطاع غزة وهو يقوم بذلك عبر خطوات مدروسة وقوية للغاية ويحرز تقدّماً منتظما خطوة بخطوة". ووسّعت إسرائيل منذ الجمعة نطاق عملياتها البرية. وأعلن الجيش مساء الإثنين تحرير جندية رهينة من قطاع غزة. وقال في بيان "تم الليلة الماضية إطلاق سراح الجندية أوري مغيديش خلال العملية البرية". وأفاد شهود في اتصالات هاتفية مع وكالة فرانس برس اليوم أنّ دبابات إسرائيلية وصلت الى أطراف حيّ الزيتون في مدينة غزة، أي على مسافة تتراوح بين 1,5 كيلومتر وكيلومترين من الحدود مع الدولة العبرية. وقالوا إنّ الدبابات قصفت طريق صلاح الدين الرئيسي الذي يربط شمال القطاع بجنوبه. ثم انسحبت في اتجاه الحدود، وفق المصادر ذاتها. وكانت إسرائيل أنذرت سكان شمال قطاع غزة بضرورة التوجه نحو الجنوب لتجنب عملياتها العسكرية التي تتوسع في الشمال. ولم يمتثل الجميع لهذه التحذيرات، إذ بقي عشرات الآلاف في المنطقة. وقال العديد من سكان القطاع إن خياراتهم للنزوح شبه معدومة، وإنّ كل مناطق القطاع غير آمنة من القصف. وقالت حركة حماس إنّ "الاشتباكات العنيفة" متواصلة على الأرض بين مقاتليها والجنود الإسرائيليين. وأضافت أنّها أطلقت قذائف مضادة للدبابات في اتجاه "دبابتين" إسرائيليتين. وأعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين أنه قتل "عشرات الإرهابيين الذين تحصّنوا في أبنية وأنفاق وحاولوا مهاجمة قواتنا". وكان نتانياهو أعلن السبت بدء "المرحلة الثانية من الحرب" الهادفة إلى "تدمير قدرات حماس العسكرية وقيادتها" واستعادة الرهائن. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الإثنين ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة القصف الإسرائيلي في قطاع غزة الى 8306، بينهم 3457 طفلا. وشنّت حركة حماس هجوماً غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر تسلّلت خلاله الى مناطق إسرائيلية عبر السياج الفاصل، وهاجمت بلدات حدودية وتجمعات سكنية، ما تسبب بمقتل أكثر من 1400 شخص معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول للهجوم الذي احتجزت خلاله حماس أيضا 239 رهينة، وفق السلطات الإسرائيلية. وبثت حركة حماس الإثنين مقطع فيديو تظهر فيه ثلاث نساء قالت إنهن من الرهائن الذين تحتجزهم. ولم يتسنّ التحقق من صحة الفيديو الذي جاء تحت عنوان "عدد من الأسرى الصهاينة في غزة يوجهون رسالة إلى (بنيامين) نتانياهو وحكومته". ويمكن فيه رؤية امرأة تطالب نتانياهو بالعمل على اتفاق لتبادل الأسرى مع الحركة، ليتم الإفراج عن الرهائن. واعتبر نتانياهو الفيديو "دعاية نفسية قاسية". وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان الإثنين أنه نجح الليلة الماضية في "إطلاق سراح الجندية أوري مغيديش خلال العملية البرية" التي نفذها في القطاع. وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية وفاة الألمانية الإسرائيلية شاني لوك التي خطفتها حركة حماس خلال الهجوم. ولم تتضح ظروف مقتلها. وكانت حركة حماس أعلنت استعدادها للإفراج عن جميع الرهائن مقابل إطلاق سراح كل المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. صفارات إنذار في القدس وتُواصل حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إطلاق صواريخ في اتجاه إسرائيل. ودوّت الإثنين صفارات الإنذار في القدس، وسمعت أصوات انفجارات عدة في المدينة، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ صاروخاً سقط قرب مستوطنة إيفرات على بعد 15 كلم جنوب القدس. وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على اندلاع الحرب، تتواصل الدعوات للسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة الذي تفرض عليه إسرائيل "حصارا مطبقا" وتقطع عنه الماء والكهرباء والإمدادات الغذائية والوقود. ويبقى معبر رفح مع مصر، الوحيد غير الخاضع لسيطرة إسرائيل، مقفلا. وقد مرت عبره شحنات محدودة من المساعدات. ويخضع قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2,4 مليون، أصلا لحصار بري وجوي وبحري من إسرائيل منذ إمساك حركة حماس بالسلطة فيه عام 2007. ودخلت 33 شاحنة محمّلة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة الأحد عبر رفح، وفق ما ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وقال المكتب إن ما مجموعه 117 شاحنة مساعدات إنسانية تمكنت من دخول غزة منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر، معظمها (70 شاحنة) تحوي معدات طبية. واحتوت 60 شاحنة على أغذية ومنتجات غذائية، و13 شاحنة أخرى على مياه ومعدات صحية. والإثنين أعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي عن "ثقته" بأن عدد شاحنات المساعدات الانسانية التي تدخل قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر سيرتفع إلى نحو 100 يوميا خلال الأيام المقبلة. ووجّه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الإثنين عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) "نداء شخصيا"ً لوقف إطلاق النار، معتبرا أنّ الحرب "لا تجلب سوى الخراب والرعب والدمار". وكتب تيدروس المتحدر من إقليم تيغراي في إثيوبيا، "نداء متواضع لوقف إطلاق النار والسلام... عندما كنت طفلاً محاصراً في ظل الحرب، كنت أعرف من كثب رائحتها وأصواتها ومشاهدها". وأضاف "أتعاطف بشدة مع العالقين حالياً في وسط النزاع، وأشعر بألمهم كما لو كان ألمي". من جهته قال نائب رئيس منظمة "أطباء العالم" جان-فرنسوا كورتي إنّ الأطباء في غزة "يعملون أرضاً" ويجرون عمليات قيصرية وعمليات بتر أطراف لأطفال من دون تخدير" بسبب نقص الأدوية. وتابع "هناك آلاف القتلى المدنيين، يموت مئات المساعدين الذين لا علاقة لهم مع إرهابيين يموتون". وأشار نائب رئيس المنظمة غير الحكومية إلى أنه بسبب النقص في مياه الشرب "يشرب الناس مياه البحر، أشخاص في فريقي أصيبوا بالإسهال وأولادهم سيعانون من الجفاف في غضون أيام قليلة". توتر على جبهات أخرى وتتزايد المخاوف من توسع نطاق النزاع الى مناطق أخرى ودول أخرى. وفي القدس الشرقية، أصيب شرطي إسرائيلي بجروح الإثنين بعدما طعنه فلسطيني أعلنت الشرطة في وقت لاحق أنّها قتلته. وفي الضفة الغربية المحتلة، قتل خمسة فلسطينيين فجر الاثنين خلال عمليات للجيش الإسرائيلي في جنين ويطا، وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وقتل نحو 120 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي ومستوطنين في الضفة الغربية منذ بدء الحرب الأخيرة. ودعت برلين إسرائيل الاثنين إلى "حماية" الفلسطينيين في الضفة الغربية من "المستوطنين المتطرفين". وتخشى دول عدة انخراط أطراف حليفة لحماس مثل إيران وحزب الله اللبناني في الحرب. والتوتر على أشدّه عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان حيث تسجل عمليات قصف وإطلاق نار يومية متبادلة. وللمرة الأولى منذ بداية الحرب، أعلن حزب الله أن أمينه العام حسن نصرالله سيلقي كلمة الجمعة حول التطورات.

إقرأ المزيد